في ظل الأوضاع الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة، تتواصل شهادات السكان عن أوضاع لا تحتمل، حيث يعاني عشرات الآلاف من نقص الغذاء، وتكرار استهداف مناطق يفترض أنها "آمنة". ومن بين هذه الأصوات، يبرز صوت علي الدالي، النازح من حي الشجاعية إلى حي الرمال شمال مدينة غزة، الذي تحدث لراديو الناس بحرقة عن معاناة يومية يصعب وصفها بالكلمات.
"والله لو أوصف لك الحال الذي نعيشه، لا تكفي الكلمات"، قال الدالي في مقابلة على راديو الناس، مضيفًا: "حتى الكاميرات التي تنقل صور معاناتنا لا تستطيع إيصال ما نشعر به. نحن نعيش في جحيم حقيقي."
علي الدالي: المساعدات غير كافية لمواجهة الجوع والمعاناة بغزة
هذا النهار مع شيرين يونس
06:09
رغيف الخبز… حلم بعيد المنال
يروي علي بأسى تفاصيل الجوع الذي بات عنوانًا لحياة كثير من العائلات في غزة وفقا له، قائلاً: "أنا شاب، ومع ذلك، أصبحت أتمنى أن آكل أكثر من رغيف أو رغيفين في اليوم، هذا أصبح حلمًا. هناك عائلات تنام كل يوم على جوع حارق."
ويتابع: "قبل أسبوع، لم أتناول سوى وجبة واحدة يوميًا، عبارة عن رغيف خبز فقط. أصبحنا نحلم بوجبة فيها القليل من الزعتر والزيت أو الخبز الساخن."
الجوع قاتل
وفي مشهد يعكس حجم الكارثة، كشف علي أنه فقد وعيه من شدة الجوع: "في أحد الأيام، استيقظت صباحًا واللون الأصفر يغطي وجهي. لم أتمكن من المشي لأكثر من مترين حتى فقدت وعيي. أقسم بالله، هذا حدث معي شخصيًا."
استهداف مناطق الهدنة
ورغم الحديث عن هدنة إنسانية تمتد لعشر ساعات يوميًا لتسهيل دخول المساعدات، إلا أن القصف، بحسب الدالي، لم يتوقف: "قالوا إن هناك هدنة، ولكن القصف لم يتوقف، حتى في مناطق الهدنة. بالأمس فقط، قُصفت العمارة المجاورة للمنزل الذي أعيش فيه. مات أناس في الشقة، وكان هناك فرن تقليدي للخبز تحته. قتل أربعة أشخاص، نصفهم أطفال."
مشهد قاسٍ أثناء استلام المساعدات
كما تحدث عن تجربته الشخصية في محاولة الحصول على المساعدات الغذائية: "ذهبت بنفسي لجلب كيس طحين. رأيت الموت بأم عيني عشرات المرات. كنا نتعرض للشتائم والإهانات من طائرات الاستطلاع والطائرات بدون طيار. حتى المساعدات التي تُنزل جوا، تُستهدف بالغاز والرصاص أحيانًا." "هل تتخيل أن تُهان وأنت تذهب لتأخذ كرتونة طعام؟ أن يُطلق عليك غاز الفلفل؟ أن تُشتم بأبشع العبارات من الجو؟"
ويضيف بمرارة: "إذا متّ خلال محاولتي الحصول على المساعدات، قد أبقى لأيام في الشارع دون أن يعرف عني أحد. لا أحد يستطيع انتشال جثتي أو دفني. هذا هو حالنا."
مساعدات غير كافية وتوزيع غير عادل
يشير الدالي إلى أن المساعدات التي تصل، سواء عبر معبر كرم أبو سالم أو عن طريق الإنزال الجوي من دول مثل الولايات المتحدة، الإمارات، والأردن، لا تكفي، مضيفا: "حتى عندما تصل المساعدات، تكون قليلة جدًا، ولا تكفي لعدد المحتاجين. بل تُلقى في مناطق بعيدة، قد نضطر للمشي لأكثر من ساعة ونصف حتى نصل إليها."
في ختام حديثه، قال علي الدالي "الله يكون بعون الجميع. لا نريد سوى العيش بكرامة، أن نأكل، أن ننام دون خوف من القصف أو الجوع. هذه أبسط حقوق الإنسان."