مع حلول فصل الشتاء، حيث تسود البرودة ويعم الظلام المبكر، يزداد الإقبال على الاسترخاء وتناول وجبات دافئة ومريحة. غير أن توقيت تناول العشاء في هذا الموسم يلعب دورًا حيويًا في صحتنا وجودة نومنا وقدرتنا على حرق الدهون.
جسم الإنسان يعمل وفق إيقاعات الساعة البيولوجية، وهي نظام داخلي منتظم على مدار 24 ساعة يتحكم في النوم، والتمثيل الغذائي، والهضم، ودورات الهرمونات. وتتزامن هذه الإيقاعات مع تعاقب الضوء والظلام، ولذلك مع تلاشي ضوء النهار مبكرًا في الشتاء، يبدأ التمثيل الغذائي بالتباطؤ، بحسب صحيفة «الإندبندنت» البريطانية.
هذا الارتباط بين التمثيل الغذائي وضوء النهار يفسر أهمية توقيت تناول الطعام التي أكدت عليها أبحاث التغذية الزمنية، والتي تدرس تأثير توقيت الوجبات على ساعتنا البيولوجية وتأثير قصر النهار على المزاج والصحة العامة.
على سبيل المثال، أظهرت دراسة أن البالغين الذين تناولوا العشاء في الساعة العاشرة مساءً سجلوا ارتفاعًا في مستوى السكر بالدم بنسبة 20%، وحرقوا دهونًا أقل بنسبة 10% مقارنة بمن تناولوا العشاء في الساعة السادسة مساءً، رغم تماثل نوعية الوجبة ووقت النوم بين المجموعتين.
وبدعم من تحليلات شاملة لـ29 تجربة، تبيّن أن تناول الطعام مبكرًا وتقليل عدد الوجبات وتركيز السعرات الحرارية في وقت مبكر من اليوم يرتبط بفقدان وزن أفضل وتحسين المؤشرات الأيضية مثل ضغط الدم ومستويات السكر والكوليسترول.
على الجانب الآخر، ربطت دراسات أخرى تناول الطعام في وقت متأخر من الليل، خاصةً قبيل النوم مباشرة، بتدهور الصحة وزيادة مخاطر السمنة واضطرابات التمثيل الغذائي، بما في ذلك داء السكري من النوع الثاني.
في الشتاء، يؤدي قصر النهار وطول الليل إلى اضطراب الساعة البيولوجية، ويؤثر انخفاض ضوء الشمس على هرمون السيروتونين المسؤول عن المزاج، مما يسبب تدني المزاج أو اضطرابًا عاطفيًا موسميًا. ويشجع هذا الاضطراب الناس على تناول وجبات خفيفة بشكل متكرر أو تأجيل العشاء لوقت متأخر.
تناول الطعام قبل النوم مباشرة يتداخل مع عملية الهضم وإفراز الهرمونات المساعدة على النوم، مما يؤثر سلبًا على الأيض والراحة، ويزيد من خطر قلة النوم واضطرابات التمثيل الغذائي.
لذلك ينصح الخبراء بتناول العشاء مبكرًا، ويفضل بين الساعة 5:30 و7:00 مساءً، أو قبل النوم بساعتين إلى ثلاث ساعات، مع الالتزام بموعد ثابت يوميًا لإنهاء الوجبة، مما يدعم تناغم الساعة البيولوجية. كما يُفضل أن تكون وجبة العشاء قليلة السعرات، مع تعويض احتياجات الجسم من السعرات في وجبتي الإفطار والغداء حيث يكون التمثيل الغذائي أكثر نشاطًا.


