شرع الجيش الإسرائيلي في جمع مئات السيارات الصينية التي يستعملها ضباط رفيعو المستوى، في خطوة تبررها تقديرات أمنية ومخاوف من خطر تجسس وتسرب معلومات حساسة عبر أنظمة السيارات الذكية، بحسب ما كشفه متخصص في الأمن السيبراني خلال مقابلة إذاعية مساء أمس.
وفي مداخلة له عبر برنامج «استديو المساء» مع الإعلامي فرات نصّار على أثير راديو الناس، قال أمين أبو هيكل—خبير السايبر وأمن المعلومات—إن السيارات الكهربائية الحديثة، وخصوصًا الموديلات الصينية مثل شيري، تحتوي على تقنيات متطورة تشمل نظام تحديد المواقع (GPS)، كاميرات أمامية وخلفية، مستشعرات ثلاثية الأبعاد، وأجهزة اتصال لاسلكي (بلوتوث) يمكن أن تشكّل نقاط ضعف أمنية إذا ما استُغلت أو نُقلت بياناتها إلى خوادم خارجية.
أمين أبو هيكل: الكاميرات والـGPS والمستشعرات قد تكشف مواقع ومحادثات حساسة
استديو المساء مع فرات نصّار
04:23
وشرح أبو هيكل أن هذه المستشعرات قادرة على رصد تحركات المركبات ومواقعها بدقة، وأن الكاميرات والميكروفونات المدمجة قد تسمح—نظريًا—بتسجيل محادثات أو تتبع تحركات أشخاص ذوي حساسية أمنية. وأضاف أن الجمع بين إمكانات الاستشعار ثلاثي الأبعاد والاتصال الذكي يجعل هذه المركبات «مخزونًا للمعلومات» قد تستفيد منه جهات خارجية إن حصلت على الوصول إلى البيانات أو إلى خوادم الشركة المصنعة.
خطر حقيقي
وأشار الخبير إلى أن الجيش سحب ما يُقدّر بنحو 600 إلى 700 مركبة صينية الصنع من ضباط يعملون في مواقع حساسة، معتبرًا أن إخضاع ضابطٍ رفيع المستوى لمخاطر تسريب الموقع أو المحادثة داخل مركبته التي تتبادل المعلومات مع خوادم خارجية «سيعرّض الأمن الاستخباراتي لخطر حقيقي، خصوصًا في أوقات الصراع\الحرب». كما نبّه إلى أن تقنية البلوتوث قد تُستغل كقناة لاقتران أجهزة شخصية بالمركبة وبالتالي تعريض الهواتف أو الأجهزة الأخرى للاختراق.
في المقابل، تناول أبو هيكل الإمكانات الإيجابية للتكنولوجيا ذاتها، مشيرًا إلى أن أنظمة السيارات المتطوّرة قد تُستَغل أيضًا من قِبل أجهزة إنفاذ القانون—بما في ذلك الشرطة—لمكافحة الجريمة والعنف إذا تم تنظيمُ استخدامها قانونيًا. وقال إن «التكنولوجيا، إذا ما أُتيحت ضمن أطر قانونية مناسبة، قادرة على الإسهام بشكل فعال في كشف الجرائم والحدّ من العنف»، لكنه حذّر من أن تطبيقًا هكذا يتطلب ضوابط صارمة حتى لا يتحول إلى أداة للمراقبة العشوائية.
ويمثل قرار سحب السيارات لجهةٍ أوسع تحوّطًا أمنيًا يلامس حساسية العلاقة بين الأمن القومي والتقنيات التجارية ذات المنشأ الأجنبي، لا سيّما في ظل التوترات الجيوسياسية والحرب التجارية بين بكين وواشنطن التي تُعرّض، بحسب تقديرات، سلطات الإمداد والاستخدام إلى مراجعات أمنية مشدّدة.
لم يصدر عن الجهات العسكرية أو شركات تصنيع السيارات بيان رسمي يوضح تفاصيل الإجراءات أو الخطة الزمنية لسحب المركبات، لكنّ التطور يعكس حذرًا متزايدًا من جهة الأجهزة الأمنية تجاه أي مصدر قد يهدد سريتها العملياتية مستقبلاً.


