العالم يحتفي بيوم الطفل العالمي اليوم، هل كنّا نحتفل في اليوم الخطأ؟

رغم اعتقاد كثيرين بأنّ يوم الطفل يُصادف الأوّل من حزيران/ يونيو، تكشف الوثائق الأمميّة أنّ التاريخ المُعتَمد عالميًا هو 20 تشرين الثاني/ نوفمبر

3 عرض المعرض
احتفال بيوم الطفل في سخنين
احتفال بيوم الطفل في سخنين
احتفال بيوم الطفل في سخنين
(وفق البند 27 أ لقانون حقوق النشر 2007)
رغم اعتقاد كثيرين بأنّ يوم الطفل يُصادف الأوّل من حزيران/ يونيو، تكشف الوثائق الأمميّة أنّ التاريخ المُعتَمد عالميًا هو 20 تشرين الثاني/ نوفمبر، وهو اليوم الذي ارتبط باعتماد أهمّ وثيقتين في تاريخ حماية الطفل على المستوى الدولي. ويهدف هذا اليوم إلى التأكيد على حقوق الأطفال ورفاههم حول العالم، مستندًا إلى الأساس القانوني والأخلاقي الذي أرساه إعلان حقوق الطفل عام 1959 واتفاقية حقوق الطفل عام 1989؛ فيما يحتلّ الأوّل من حزيران موقعًا مختلفًا تمامًا في السياق الدولي. ويأتي هذا الالتباس نتيجة نشوء التاريخين في سياقين منفصلين: أحدهما سياسي يعود للقرن الماضي، والآخر حقوقي يرتبط مباشرة بالأمم المتحدة.
3 عرض المعرض
يوم الطفل العالمي - توضيحية
يوم الطفل العالمي - توضيحية
يوم الطفل العالمي - توضيحية
(Flash90)
عام 1954، اعتمدت الأمم المتّحدة قرارًا يوصي بتخصيص يوم عالمي للطفل، بهدف تعزيز التفاهم بين الأطفال وزيادة الوعي بقضاياهم، وتشجيع الدول على وضع سياسات داعمة لحقوقهم. ورغم أنّ القرار لم يفرض تاريخًا محدّدًا، برز يوم 20 تشرين الثاني مع اعتماد إعلان حقوق الطفل عام 1959، قبل أن يترسّخ لاحقًا عام 1989 مع تبنّي اتفاقية حقوق الطفل، التي أصبحت أكثر معاهدات حقوق الإنسان تصديقًا حول العالم.

لماذا هذا الالتباس؟

تعود فكرة "اليوم الدولي للطفل" إلى عام 1925 خلال المؤتمر العالمي لرفاه الطفل في جنيف، وترسّخت رسميًّا سنة 1949 عندما أعلن اتّحاد النساء الديمقراطي العالمي في موسكو يوم 1 حزيران يومًا دوليًا لحماية الطفل. ومنذ عام 1950، أصبح هذا التاريخ مناسبة سنوية في دول الكتلة الشرقية والدول المتأثرة بالإرث السوفييتي، مثل روسيا والصين وبولندا ورومانيا، إلى جانب دول أخرى في أوروبا الشرقية وآسيا. وقد ساهم استمرار الاحتفال بهذا التاريخ لعقود طويلة في ترسيخه في الذاكرة العامّة لدى مجتمعات كثيرة حول العالم.
3 عرض المعرض
يوم الطفل العالمي - توضيحية
يوم الطفل العالمي - توضيحية
يوم الطفل العالمي - توضيحية
(Flash90)
في المقابل، يقوم اليوم العالمي للطفل في 20 تشرين الثاني على بُعدٍ حقوقيّ واضح؛ إذ يؤكّد على حق الطفل في الحياة والصحة والتعليم واللعب، إضافة إلى الحق في الحماية من العنف والاستغلال والتمييز، والحق في حرّية التعبير والفكر والمعتقد وإسماع الصوت. وتشكّل هذه الحقوق جزءًا أساسيًا من الوثائق الأممية، التي لم تعد تنظر إلى الطفل بوصفه تابعًا أو موضوعًا للرعاية الخيرية، بل باعتباره إنسانًا كامل الحقوق يجب ضمان كرامته وأمنه ورفاهه. وتدعو منظّمات عدة، من بينها اليونيسف، إلى اعتبار هذا التاريخ فرصةً لرفع الوعي تجاه الأطفال الأكثر تهميشًا عالميًا، بما يشمل الأطفال في مناطق النزاعات، والذين يعيشون في فقرٍ مدقع أو تحت تهديد العمل القسري أو الاستغلال.
وبينما يظلّ الأوّل من حزيران مرتبطًا تاريخيًا بسياقات سياسية وتاريخية تعود إلى منتصف القرن الماضي، فإنّ 20 تشرين الثاني يمثّل إطارًا أمميًا شاملًا يستند إلى منظومة حقوقية واضحة، ويعيد التأكيد على مسؤولية العالم في توفير بيئة آمنة وعادلة لكلّ طفل، بغضّ النظر عن موقعه أو ظروفه.
ومع حلول 20 تشرين الثاني اليوم، نتذكّر انّ الحقوق التي نصّت عليها الوثائق الأممية ليست شعارات تُرفع مرّةً في السنة، بل التزام يومي تجاه كلّ طفل يعيش في واقع هشّ أو محروم من الحماية والرعاية الأساسية؛ وأنّ حماية حقوقهم ليست مسؤولية المؤسّسات الدولية وحدها، بل مسؤولية مشتركة تقع على المجتمع بأكمله.