موجة الحر الشديدة ترهق العمال في الميدان: "حرارة الشمس من فوقنا والأرض تغلي من تحتنا"

عمال في مجال البناء وتعبيد الشوارع يتحدثون عن معاناتهم في العمل بمثل هذه الأيام ويصرحون: حرارة الشمس من فوقنا والأرض تغلي من تحتنا

1 عرض المعرض
توضيحية
توضيحية
توضيحية
(.)
مع بلوغ موجة الحر ذروتها، يبحث كل شخص عن مساحة من البرد والتهوئة هربا عن وطأة الحرّ وتأثيرها السلبي في ظل ارتفاع نسبة الرطوبة والشعور بالاختناق والضيق. الموظف يبحث عن المكيّف في مكان عمله، بينما يبحث آخرون عن رحلة استجمامية الى البحر والأنهار للاستمتاع بالمياه، بينما يبقى العامل في قلب المعاناة والتأثر الشديد من شدّة الحر.

رشوان كريّم: الأرض تغلي من تحتنا
المنتصف مع فرات نصار
04:16
راديو الناس استطلع في سلسلة مقابلات مواطنين عاملين في مجال البناء وتعبيد الشوارع ونقل أصواتهم ومعاناتهم خلال العمل بمثل هذه الأيام الحارقة.

رشوان كريّم: كثيرون توقفوا عن العمل

رشوان كريم أبو الريش، وفي حديثه لإذاعة "راديو الناس"، تطرق إلى الظروف القاسية التي يواجهها عمال البناء خلال موجة الحر الحالية، والتي دفعت كثيرين إلى التوقف عن العمل حفاظًا على صحتهم.
وقال أبو الريش: "نحن نعمل اليوم في طقس حار جدًا، ولا يسعنا إلا أن نقول للعامل الله يعطيك ألف عافية. حرارة الشمس فوق رؤوسنا، والأرض من تحتنا تغلي، ودرجة حرارة الرمل قد تصل إلى سبعين أو ثمانين درجة مئوية".
وأوضح أن العامل في ورش البناء المكشوفة يقضي سبع أو ثماني ساعات يوميًا تحت أشعة الشمس المباشرة، مضيفًا: "حتى لو شرب العامل الماء باستمرار، يبقى العرق يتصبب منه، وتحيط به الحرارة من كل جانب".

العمل في الطوابق الأرضية أشد خطورة

وأشار أبو الريش إلى أن العمل في الطوابق الأرضية أو تحت مستوى الأرض أشد قسوة من العمل في الطوابق العليا، "لأنك تحت الأرض محاط بجدران أو صخور، فلا يصل إليك الهواء، وتكون درجة الحرارة مرتفعة جدًا، مما يزيد من خطر الإصابة بضربة شمس أو الجفاف".
وأكد المقاول أن هذه الموجة تختلف في شدتها عن أي موجة حر سابقة مرّ بها، قائلاً: "مرت علينا أيام حارة من قبل، لكن بهذه الدرجة العالية من الحرارة لم أشهد في حياتي".
كما لفت إلى المعضلة التي يواجهها المقاولون بين الالتزام بمواعيد تسليم المشاريع وبين الحفاظ على سلامة العمال، موضحًا: "أنت مسؤول أمام الشركة أو صاحب البيت لتسليم المشروع في الموعد، وفي الوقت نفسه مسؤول عن العامل أمام القانون وأمام أهله إذا أصيب بأي مكروه".

عامل في تعبيد الشوارع: اضطررنا لوقف العمل

جمال عاصلة، وهو عامل في مجال تعبيد الشوارع، وفي حديث لـ"راديو الناس"، قال إنهم اضطروا أمس لوقف العمل نهارًا بسبب الحرارة المرتفعة. وأضاف: "ما شهدناه بالأمس كان حملاً لا يوصف، درجة الحرارة كانت خانقة لدرجة أننا طلبنا من المقاول أن يتم تحويل العمل إلى ساعات الليل، حتى نتفادى هذه الظروف القاسية".

جمال عاصلة: اضطررنا لوقف العمل بتعبيد الشوارع
المنتصف مع فرات نصار
05:04
وأشار عاصلة إلى أن فريقه أنجز أمس في شارع 5 قرب كفر قاسم نحو 500 طن من الزفتة، أي ما يعادل 12 شاحنة، رغم الظروف المناخية الصعبة، لكنه أكد أن المسؤولين "كانوا جالسين في المكاتب بينما نحن تحت الشمس نحاول إتمام العمل".
ومن جانبه، تحدث خليل شحادة، وهو عامل بناء ومسعف، عن الصعوبات الكبيرة التي يواجهها العمّال في هذه الأجواء، قائلاً: "العمل تحت الشمس الحارقة طوال النهار أمر مرهق للغاية، لم نشهد منذ سنوات درجات حرارة بهذه الشدة مصحوبة بنسبة رطوبة مرتفعة"، مشددًا على أهمية الالتزام بتعليمات السلامة مثل شرب المياه بكثرة، أخذ فترات استراحة منتظمة، واستخدام الواقي الشمسي.
وأضاف شحادة: "دور المقاول هنا أساسي، فعليه أن يفرض على العمال التوقف كل فترة لشرب المياه، لأن ثقافة شرب الماء باستمرار ليست راسخة لدى الجميع، وهذا يزيد من مخاطر الإجهاد الحراري"، داعيًا إلى تعزيز الوعي لدى العمّال والمشرفين على حد سواء.
وتستمر التحذيرات من تأثير موجة الحر الحالية على قطاعات العمل الميداني، خاصة في مجالات تعبيد الطرق والبناء، وسط دعوات لنقل العمل إلى ساعات الليل أو الصباح الباكر لتجنب المخاطر الصحية.

تحذيرات من مخاطر الجفاف والإرهاق الحراري

د. عبد الله خطبا يحذر من مخاطر الجفاف والإرهاق الحراري
المنتصف مع فرات نصار
02:46
وبدوره، حذر مدير مركز فضاء الناصرة، الدكتور عبد الله خطبا، من استمرار تأثير الكتلة الحارة الشديدة التي تشهدها البلاد هذا الأسبوع، مؤكداً أن درجات الحرارة في بعض المناطق، وخاصة الأغوار والنقب، تجاوزت 45 درجة مئوية، فيما تلامس 40 درجة في معظم أنحاء البلاد.
وأوضح خطبا في حديثه لـ"راديو الناس" أن البلاد تمر حالياً بـ"ذروة هذه الكتلة الحارة جداً جداً"، مشيراً إلى أن الأجواء الخانقة ستستمر حتى يوم الجمعة، قبل أن تبدأ درجات الحرارة بالانخفاض تدريجياً لتعود إلى معدلاتها الطبيعية مطلع الأسبوع المقبل. وقال: "حتى وإن شهدنا غداً انخفاضاً طفيفاً، فإن ذلك لا يغير من الإحساس بالاختناق بعد أسبوع كامل من الحرارة المرتفعة".
ودعا خطبا المواطنين إلى اتخاذ أقصى درجات الحيطة، محذراً من أن الخطر لا يقتصر على التعرض المباشر لأشعة الشمس، بل يشمل أيضاً الهواء الساخن الذي قد يسبب الجفاف حتى في الأماكن المغلقة أو المظللة. وأضاف: "يجب الانتباه كثيراً، خصوصاً للأطفال وكبار السن، والعمال في الورش المكشوفة أو حتى المكيفة، وعليهم شرب كميات كبيرة من المياه"، مشدداً على ضرورة تجنب ممارسة الرياضة أو أي مجهود بدني حتى مساء يوم الخميس.
وأشار إلى أن فقدان السوائل في مثل هذه الأجواء قد يؤدي إلى الإغماء أو أضرار صحية بالغة، داعياً أصحاب الأعمال إلى تكييف ساعات العمل لتفادي فترات الذروة الحرارية. وختم بالقول: "ليست الخطورة فقط في درجة الحرارة الحالية، بل في تراكم تسخين الهواء على مدى الأيام الماضية".