في ظل غيابه عن الأنظار لأكثر من أسبوع، يثير اختفاء المرشد الأعلى لإيران، علي خامنئي، جدلًا واسعًا وتساؤلات في أوساط الشعب والقيادة الإيرانية، وسط تقارير عن خلافات داخلية في قمة هرم السلطة، وتحركات لإعادة تشكيل موازين القوى داخل النظام.
بحسب تقرير موسّع نشرته صحيفة نيويورك تايمز، فإن خامنئي لم يظهر علنًا منذ بدء التصعيد العسكري بين إيران من جهة، وإسرائيل والولايات المتحدة من جهة أخرى. ورغم ما يشاع عن استمراره في اتخاذ قرارات من خلف الكواليس، إلا أن غيابه أثار مخاوف حقيقية بشأن وضعه الصحي أو الأمني.
الإعلام الرسمي في إيران التزم الصمت، لكن أحد المقربين من خامنئي، مهدي فازلي، قال في مقابلة تلفزيونية: "علينا جميعًا أن نصلي،الجهات المسؤولة عن حماية المرشد تقوم بعملها على أكمل وجه".
خلافات على السطح وصراع أجنحة
مع غياب خامنئي، بدأت تظهر على السطح تباينات حادة داخل القيادة الإيرانية بشأن سبل التعامل مع الوضع القائم. مصادر مطلعة كشفت أن مؤسسات الجيش والحكومة شهدت خلال الأيام الماضية محاولات لتشكيل تحالفات جديدة تسعى للسيطرة على مسار الدولة.
وفيما بدا أنه مؤشر على صعود جناح "الاعتدال"، قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إن الوضع الحالي يمثل "فرصة ذهبية للتغيير"، مشيرًا إلى ضرورة مراجعة نهج الحكم وإعادة بناء الثقة بين السلطة والشعب. وقد حظي بدعم من رئيس السلطة القضائية غلام حسين محسني أجئي، والقائد الجديد للجيش عبد الرحيم موسوي.
لكن على الطرف الآخر، يبرز المعسكر المحافظ بقيادة السياسي المتشدد سعيد جليلي، المعارض لوقف إطلاق النار، والذي يرفض استئناف المفاوضات مع الولايات المتحدة. وقد اتهم جليلي الرئيس بـ"غياب الكفاءة السياسية"، فيما ردّ المتحدث باسم بزشكيان بالقول: "لم نحارب إسرائيل 12 يومًا لنتعرض للهجوم من الداخل".
البرنامج النووي في مهب الريح
وبينما يبقى ملف الاتفاق النووي معلقًا، أعلن وزير الخارجية عباس عراقجي ورئيس هيئة الطاقة الذرية محمد إسلامي أن إيران ستعيد بناء منشآتها النووية المتضررة وتواصل تخصيب اليورانيوم، رغم الضربات الأميركية الأخيرة.
الخبيرة في الشأن الإيراني، سنام وكيل، قالت إن غياب خامنئي في لحظة مصيرية كهذه "استثنائي ويدل على إجراءات أمنية قصوى"، مضيفة: "إذا لم يظهر خامنئي قبل يوم عاشوراء، فذلك سيكون نذيرًا سيئًا".
الخلفيات الأمنية والقلق من الاغتيال
حمزة صفاوي، نجل أحد قادة الحرس الثوري، صرّح أن أجهزة الأمن الإيرانية تخشى من محاولة اغتيال إسرائيلية تستهدف خامنئي، ولذلك يُفرض عليه عزلة تامة عن العالم الخارجي. وأشار إلى أن بزشكيان يمارس فعليًا صلاحيات تنفيذية موسعة حاليًا، فيما تبقى اليد العليا في الملفات الحساسة للمرشد حتى وإن كان ذلك من وراء الستار.
تستمر الشائعات في طهران، ويستمر القلق بين أجنحة السلطة، فيما يترقّب الإيرانيون الظهور العلني القادم لخامنئي، والذي قد يحسم مصير الصراع الداخلي واتجاه الدولة في مرحلة ما بعد الحرب.