كتاب جديد يكشف: الملكة إليزابيث الثانية لم تؤيّد البريكست

يستند الكتاب إلى نحو مئة مقابلة شخصية مع سياسيّين كبار وموظفين حكوميّين ومستشارين للقصر الملكي. وبين ما ورد فيه، أنّ الملكة صرّحت قبل أشهر قليلة من الاستفتاء لأحد الوزراء بقولها "لا يجب أن نغادر الاتّحاد الأوروبي؛ من الأفضل التمسّك بالشيطان الذي نعرفه"

1 عرض المعرض
الملكة إليزابيث الثانية
الملكة إليزابيث الثانية
الملكة إليزابيث الثانية
(ويكبيديا)
بعد مرور نحو عقد على استفتاء عام 2016 الذي انتهى بخروج بريطانيا من الاتّحاد الأوروبي، أعاد كتاب جديد النقاش حول الموقف الحقيقي للملكة الراحلة إليزابيث الثانية من قضية البريكست. البريكست، وهو المصطلح الذي أُطلق على عملية انسحاب بريطانيا من الاتّحاد الأوروبي، اعتُبر أحد أهمّ التحوّلات السياسية في التاريخ البريطاني الحديث؛ ورغم أنّ العائلة المالكة التزمت بالحياد السّياسي في حينه، لِما يفرضه عليها موقعها الدستوري، يكشف الكتاب أنّ الملكة كانت تميل إلى البقاء داخل الاتّحاد.
الكتاب، الذي يحمل عنوان "Power and the Palace" للكاتب فالنتين لو، والمقرّر صدورُه في 11 سبتمبر، يستند إلى نحو مئة مقابلة شخصية مع سياسيّين كبار وموظفين حكوميّين ومستشارين للقصر الملكي. وبين ما ورد فيه، أنّ الملكة صرّحت قبل أشهر قليلة من الاستفتاء لأحد الوزراء بقولها "لا يجب أن نغادر الاتّحاد الأوروبي؛ من الأفضل التمسّك بالشيطان الذي نعرفه".
هذا الطرح يتعارض مع ما نشرته صحيفة The Sun في أوج حملة الاستفتاء، حين ادّعت أنّ الملكة "تؤيّد البريكست"، مستندة إلى حوار سابق عام 2011 مع نائب رئيس الوزراء آنذاك نيك كليغ. ورغم نفي كليغ بشكل قاطع لتلك المزاعم واتّهامه وزيرًا محافظًا بتسريب القصة، لم يقدّم القصر الملكي في حينه نفيًا قاطعًا، لألا يُفسَّر كإقرار بانحيازها لمعسكر البقاء. لاحقًا، اعتبر المجلس المستقلّ لشكاوى الصحافة البريطانية عنوانThe Sun "مضلّلاً بشكل كبير".
وبحسب ما أورده الكتاب، كانت الملكة ترى الاتحاد الأوروبي جزءًا من التسوية التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، باعتباره أداة لتعزيز التعاون بين الدول الأوروبية، حتى وإن كانت تنزعج أحيانًا من بيروقراطية بروكسل وتصفها بـ"السخيفة". رئيس الوزراء الأسبق ديفيد كاميرون قال إنّ الملكة نادرًا ما أفصحت عن آرائها، لكن يمكن استنتاج أنها رأت في التعاون الأوروبي ضرورة، وإن لم تُخفِ ضيقَها من بعض مؤسّسات الاتّحاد.
ويستعرض المؤلّف مواقف أخرى، من بينها تدخّلها الرّمزي والمحدود في استفتاء استقلال اسكتلندا عام 2014 حين دعت البريطانيين إلى "التفكير جيّدًا بالمستقبل"، ورفض مساعديها استقبال بوريس جونسون أثناء إصابته بكورونا، إضافة إلى مواقف بروتوكولية طريفة مع الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، حين طلبن من وزير المالية في حينه التلميح لأوباما بأنّ الوقت حان لإنهاء مأدبة رسمية أُقيمت في القصر على شرفه.
في المقابل، يعرض الكتاب مقارنة بين أسلوب إليزابيث الثانية الحريص على الحياد، ونهج ابنها الملك تشارلز الثالث الأكثر وضوحًا في القضايا العامة، خاصّةً البيئيّة منها، حيث أشارت مصادر إلى أنها كانت دائمًا تحذّر من خطورة الانخراط في السياسة، معتبرة أنّ مجرّد إبداء الرأي يُضعف صورة الحياد التي يجب أن تظلّ ملازمة للعرش.
حتى الآن، لم يصدر أي تعليق من قصر باكنغهام بشأن ما ورد في الكتاب، إلا أنّ توقيت صدوره والكمّية الكبيرة من الشهادات التي يتضمّنها، تجعل هذه الروايات إضافة مهمّة لفهم توازنات العلاقة بين القصر والسياسة البريطانية في العقود الأخيرة، ويطرح مجددًا سؤالًا أوسع حول حدود الحياد السياسي للعائلة المالكة في لحظات التحوّلات الكبرى في بريطانيا.