تصاعد اعتداءات المستوطنين في الضفة
شهدت الضفة الغربية عصر الثلاثاء اعتداءً واسعًا نفّذه عشرات المستوطنين المقنّعين في قرية بيت ليد شرق طولكرم، حيث أضرموا النار في مركبات وممتلكات وأصابوا أربعة فلسطينيين بجروح متفاوتة، وفق ما أفادت به وكالة الأنباء الفلسطينية وفا.
وأشارت الوكالة إلى أن أربعة شاحنات تابعة لمصنع الألبان "الجنيدي" احترقت بالكامل، كما تضرر المصنع نفسه، في حين توسع الهجوم ليشمل إحراق أراضٍ زراعية وأكواخًا وصفيحًا وخيامًا تابعة لمجتمع بدوي يقيم في المنطقة. وأضافت أن المستوطنين رشقوا الحجارة على الفلسطينيين وألحقوا أضرارًا كبيرة بالممتلكات.
وخلال فرار المهاجمين، اعتدوا على جنود إسرائيليين كانوا في المكان، وألحقوا أضرارًا بإحدى الآليات العسكرية. وقال الجيش الإسرائيلي في بيان إن قواته "انتشرت في محيط قريتي بيت ليد ودير شرف بعد تلقي بلاغ عن عشرات المستوطنين المقنعين الذين هاجموا فلسطينيين وأشعلوا النار في ممتلكاتهم". وأضاف البيان أن القوات استخدمت وسائل تفريق المظاهرات، واعتقلت عدة إسرائيليين يشتبه بتورطهم في الاعتداء.
وأكد متحدث الجيش أن "المؤسسة العسكرية تدين بشدة أي شكل من أشكال العنف الذي يصرف الانتباه عن مهام الدفاع ومكافحة الإرهاب"، مشيرًا إلى أن المعتقلين أُحيلوا إلى التحقيق لدى الشرطة.
من جهته، قال محافظ طولكرم عبد الله كميل إن ما حدث “يؤكد الحاجة الملحّة لتشكيل لجان حراسة شعبية للدفاع عن القرى الفلسطينية في وجه اعتداءات المستوطنين المتكررة”، مؤكدًا أن القوات الإسرائيلية “تمنح الحماية للمهاجمين وتطارد الفلسطينيين الذين يحاولون الدفاع عن أنفسهم”.
وفي المقابل، أوضح مصدر أمني إسرائيلي أن "الاعتقالات الميدانية أثناء وقوع الأحداث هي الوسيلة الأنجع للتعامل مع ظاهرة العنف القومي اليهودي، وتبعث برسالة حازمة للمعتدين".
تصاعد التوتر داخل الجيش الإسرائيلي بسبب “عنف المستوطنين”
تأتي هذه الأحداث وسط قلق متزايد داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية من تصاعد هجمات المستوطنين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية. ونقلت مواقع إخبارية إسرائيلية أن رئيس الأركان الإسرائيلي، إيال زامير، عقد مؤخرًا اجتماعًا خاصًا مع قادة الألوية في الضفة الغربية، الذين طالبوه بإعادة تفعيل أوامر الاعتقال الإداري ضد المستوطنين المتطرفين، بعد أن ألغى وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس هذه الأوامر تحت ضغط سياسي من وزراء اليمين المتطرف بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير.
ويصف ضباط كبار في الجيش الوضع بأنه “تجاوز لكل الخطوط الحمراء”، مشيرين إلى أن بعض الوزراء يتدخلون ميدانيًا ويقفون إلى جانب المستوطنين عند محاولة الجيش إخلاء البؤر العشوائية، ما يخلق “وضعًا عبثيًا” – على حد وصفهم – حيث يجد الجنود أنفسهم في مواجهة وزراء في الحكومة أثناء تطبيق القانون.
كما أشار ضباط من قيادة المنطقة الوسطى إلى أن الشرطة الإسرائيلية تتقاعس في كثير من الحالات عن اعتقال المتورطين في هذه الهجمات، وتصل إلى مواقع الأحداث بعد فوات الأوان أو دون تعزيزات كافية، ما يجعل ردع المستوطنين شبه معدوم.
في موازاة ذلك، جرى تخصيص مئات الجنود الاحتياط لحماية القرى الفلسطينية والمناطق المعرضة للاعتداء، كما استعان الجيش بآليات هندسية كانت تعمل سابقًا في قطاع غزة لاستخدامها في هدم البؤر الاستيطانية غير القانونية.
ويرى قادة ميدانيون أن موجة العنف الأخيرة ناتجة عن “حالة انتقام” في أوساط المستوطنين بعد إطلاق سراح عشرات الأسرى الفلسطينيين ضمن صفقة تبادل الأسرى الأخيرة، إضافة إلى عمليات هدم بؤر استيطانية غير قانونية.
ويحذّر مراقبون من أن استمرار هذا التصعيد يهدد بانفجار ميداني واسع في الضفة الغربية، ويقوّض محاولات الجيش الإسرائيلي للسيطرة الأمنية على المناطق الساخنة، في ظل ما يصفه قادة عسكريون بأنه “تآكل في سلطة القانون وازدواجية في تنفيذ القرارات الحكومية”.




