سجّلت نسبة تشغيل النساء العربيات في البلاد رقمًا قياسيًا جديدًا، لتبلغ 49.4% في الربع الأول من عام 2025، مقارنة بنسبة 46.2% في الربع الأخير من عام 2024، ما يشكّل قفزة بنسبة 3.2 بالمئة خلال فترة قصيرة. هذا الإنجاز التاريخي يُعد مؤشراً واضحاً على التغيير العميق الذي طرأ على سوق العمل في المجتمع العربي خلال العقد الأخير، حيث كانت نسبة تشغيل النساء العربيات في الربع الأول من عام 2015 لا تتجاوز 31.4%، أي أن الزيادة خلال عشر سنوات بلغت 18%.
هذه القفزة النوعية تُترجم إلى أثر اقتصادي مباشر، فوفقًا لحسابات موقع كالكاليست الاقتصادي، فإن دخول عشرات الآلاف من النساء العربيات إلى سوق العمل أضاف للاقتصاد الإسرائيلي قرابة 15 مليار شيكل سنويًا في الناتج المحلي. وهذا الإنجاز يعكس نجاح عدد من العوامل، أهمها الارتفاع في مستويات التعليم العالي لدى النساء العربيات، وتقليص الحواجز الاجتماعية، بالإضافة إلى تنفيذ برامج حكومية مثل خطة 922، وخطة “تقدم” (قرار 550) التي جاءت لاحقًا.
في خطة 922، على وجه الخصوص، تم تحديد ثلاثة عوائق رئيسية أمام اندماج النساء العربيات في سوق العمل، وتشمل نقص في أماكن العمل داخل البلدات العربية، وضعف نظام المواصلات العامة، ونقص في حضانات الأطفال. وقد ركّز برنامج 922 على إدماج النساء العربيات في سوق العمل، ومن بين بنوده، نُصّ على أنّ 70% من المتوجهين إلى مراكز التشغيل في المجتمع العربي “ريان” يجب أن يكنّ من النساء.
وقد كانت الفرضية الأساسية حينها أن المجتمع اليهودي غير الحريدي قد استنفد طاقاته من حيث التشغيل والتعليم، وأن نمو الاقتصاد الإسرائيلي يحتاج إلى دمج أعمق للمجتمع العربي، وخاصة النساء.
البيانات الفصلية تُظهر أن التقدم مستمر منذ الخروج من جائحة كورونا. ففي الربع الرابع من عام 2021، كانت نسبة تشغيل النساء العربيات 39.7%، ما يعني أن القفزة الأخيرة خلال ثلاث سنوات فقط قاربت 10 بالمئة. وإذا استمرت هذه الوتيرة، فمن المتوقع أن تتجاوز النساء العربيات هدف التشغيل الحكومي المحدد لعام 2030، والذي يبلغ 53%.
رغم هذا التقدم، لا تزال الفجوة كبيرة مقارنة بباقي شرائح المجتمع، إذ بلغ معدل التشغيل لدى النساء اليهوديات غير الحريديات في الربع الأول من 2025 نسبة 82.8%. ومع أن الفارق ما زال شاسعًا، فإن الاتجاه يشير إلى تضييق الفجوة بشكل تدريجي. واليوم، يعمل في سوق العمل نحو 230 ألف امرأة عربية. لكن، بحسب بيانات عام 2022، بلغ متوسط الأجر الشهري للمرأة العربية 7,319 شيكل، وهو ما يشير إلى أن الزيادة في التشغيل لا تزال تحدث ضمن قطاعات منخفضة الأجر نسبيًا.
البيانات الجديدة لم تقتصر على النساء فقط، فقد شهدت أيضًا نسبة تشغيل الرجال العرب تحسنًا، وارتفعت من 76.2% في نهاية 2024 إلى 77.5% في الربع الأول من 2025. هذا التحسن يُعتبر بمثابة تصحيح للهبوط الحاد الذي سُجل خلال فترة الحرب في 2023، حين تراجعت نسبة تشغيل الرجال العرب إلى 74.3% بعد أن كانت 78.5%، نتيجة التراجع الحاد في قطاع البناء والقيود الأمنية التي فرضت على تشغيل العمال العرب.