"فلسطين 36": آن ماري جاسر تعيد سرد الثورة الفلسطينية الكبرى بلغة السينما المعاصرة

يستعيد فيلم "فلسطين 36" للمخرجة آن ماري جاسر أحداث الثورة الفلسطينية الكبرى ضد الانتداب البريطاني، في عملٍ سينمائيّ يجمع بين الوثائقي والدرامي ليقدّم رواية فنية عن بدايات الوعي الوطني الفلسطيني وامتداداته المعاصرة.

في عملٍ سينمائيّ يستحضر الذاكرة الجماعية ويعيد قراءة التاريخ بعين الحاضر، يقدّم فيلم "فلسطين 36" للمخرجة الفلسطينية آن ماري جاسر سردًا بصريًا ملحميًا لأحداث الثورة الفلسطينية الكبرى ضد الانتداب البريطاني بين عامي 1936 و1939، من خلال شخصيات متعدّدة تنتمي إلى طبقاتٍ وبيئات مختلفة، تتقاطع مصائرها في لحظة تحوّلٍ مصيرية في تاريخ البلاد.
ملحمة إنسانية عن بدايات الوعي الوطني
الفيلم، الذي عُرض مؤخرًا في مهرجاني تورونتو ولندن السينمائي الدولي، يرسم صورة بانورامية لفلسطين ما قبل النكبة، حيث تصاعدت المقاومة الشعبية ضد سياسات الانتداب البريطاني وموجات الهجرة اليهودية المتزايدة من أوروبا. تتنقّل الكاميرا بين القرى والمدينة، من الفلاحين في الجبال إلى الصحافيين والمثقفين في القدس ويافا، لتكشف التوترات الطبقية والسياسية والاجتماعية التي مهّدت لتبلور الهوية الوطنية الفلسطينية.
اعتمدت جاسر في فيلمها على مزيجٍ من المشاهد الدرامية والتوثيق الأرشيفي، لتقدّم عملًا يجمع بين الحسّ الإنساني والصرامة البحثية، مستندةً إلى سنواتٍ من الدراسة التاريخية لما سمّته “نقطة الولادة الأولى لفلسطين الحديثة”.
1 عرض المعرض
فلسطين 36
فلسطين 36
فلسطين 36
(تُستخدم هذه الصورة بموجب البند 27 أ من قانون الحقوق الأدبية (2007))
طاقم عمل متعدّد الثقافات والإنتاج
يضمّ الفيلم نخبة من الممثلين العرب والعالميين، أبرزهم هيام عباس، صالح بكري، ياسمين المصري، كريم داود، وجيريمي آيرونز، فيما تولّت هيلين لوفارت إدارة التصوير، وصمّم الأزياء حمادة عطا الله، وكتب الموسيقى بن فروست.
وجرى إنتاج الفيلم بشراكةٍ دولية بين فلسطين وبريطانيا وفرنسا والدنمارك وقطر والسعودية والأردن، في تجربة إنتاجية نادرة على مستوى السينما الفلسطينية.
“قصة فلسطينية... لكنها أيضًا بريطانية”
في تصريحاتٍ خلال العرض الجماهيري الأول في لندن، قالت المخرجة آن ماري جاسر إن الفيلم “هو قصة فلسطينية، لكنه أيضًا قصة بريطانية، فمن هنا بدأت كل مشاكلنا”. وأوضحت أنّ هدفها كان “رواية أحداث عام 1936 من خلال شخصيات صغيرة ومشاعر إنسانية، لأن ما جرى آنذاك لا يزال يتكرّر اليوم بأشكالٍ مختلفة”.
أما الممثلة ياسمين المصري، التي أدّت دور الصحافية “خلود”، فقالت إن الفيلم “لا يتحدث عن الماضي فقط، بل عن حاضرنا أيضًا، لأن القضايا التي حملها أبطال الثلاثينيات ما زالت معنا حتى اليوم”.
بين التاريخ والذاكرة
“فلسطين 36” ليس مجرد عملٍ تاريخي، بل محاولة لإعادة تعريف علاقة الفلسطينيين بتاريخهم عبر السينما، حيث تتقاطع السرديات الشخصية مع الرواية الوطنية في عملٍ يوازن بين الجماليات البصرية والبعد السياسي.
فكل مشهدٍ في الفيلم يبدو كقطعة من “لُحمة وطنية” أكبر، تُعيد طرح سؤال الهوية والعدالة في زمنٍ ما زالت فلسطين تبحث فيه عن خلاصها.