أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عقب لقائه الرئيس الفلسطيني محمود عباس في باريس، عن تشكيل لجنة فرنسية–فلسطينية مشتركة تُعنى بـ“إرساء أسس الدولة الفلسطينية وصياغة دستورها المستقبلي”، في خطوةٍ تأتي ضمن ما وصفه الإليزيه بـ“التزام فرنسا المستمر بدعم إقامة دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة”.
اللقاء، الذي جرى يوم الثلاثاء 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2025 في قصر الإليزيه، يُعدّ الأول من نوعه منذ اعتراف فرنسا رسميًا بدولة فلسطين في سبتمبر الماضي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. وقال ماكرون في منشور على منصة X (تويتر سابقًا) إنه ناقش مع عباس “التحضيرات لليوم التالي الذي ستعيش فيه إسرائيل وفلسطين جنبًا إلى جنب في سلام وأمن”، واصفًا الرئيس الفلسطيني بـ“عزيزي”.
وأوضح بيان الرئاسة الفرنسية أن الاجتماع تناول الخطوات المقبلة لخطة السلام في الشرق الأوسط، بما في ذلك ملفات الأمن، وإعادة الإعمار، والإصلاح المؤسسي للسلطة الفلسطينية، بالتعاون مع شركاء عرب ودوليين. وأكد الإليزيه أن إصلاح السلطة الفلسطينية يُعدّ “شرطًا أساسيًا لاستقرار دائم وقيام دولة ديمقراطية ذات سيادة تعيش بأمان بجانب إسرائيل”.
ويأتي هذا اللقاء في ظل استمرار وقف إطلاق النار في غزة منذ 10 أكتوبر/تشرين الأول 2025، والذي تمّ التوصل إليه ضمن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بعد عامين من الحرب التي اندلعت إثر هجوم حركة حماس على جنوب إسرائيل في أكتوبر 2023.
وخلال اللقاء، شدّد ماكرون على ضرورة ضمان الوصول المستمر للمساعدات الإنسانية إلى غزة، فيما أعرب عباس عن استعداد السلطة الفلسطينية لتحمّل مسؤولياتها الإدارية والأمنية في القطاع بالتنسيق مع القوة متعددة الجنسيات التي تتضمنها الخطة الأمريكية. كما أكد عزمه إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية عامة خلال عام واحد بعد انتهاء الحرب.
وعلى صعيد آخر، أعلن عباس في مقابلة مع صحيفة لوفيغارو نُشرت قبيل اللقاء، أن السلطة الفلسطينية ستسلّم قريبًا للسلطات الفرنسية المواطن الفلسطيني هشام حرب (70 عامًا)، المطلوب في قضية هجوم شارع روزييه في باريس عام 1982، والذي أوقف في الضفة الغربية في سبتمبر الماضي. وأكد عباس أن “الخطوات القانونية للتسليم في مراحلها النهائية”، مشيرًا إلى أن “اعتراف فرنسا بدولة فلسطين أوجد الإطار القانوني الملائم لتنفيذ هذا الطلب”.
من جانبه، أوضح الإليزيه أنه “لا توجد عقبات قانونية أمام التسليم، بل مسألة تتعلق بالإجراءات التنفيذية”، مؤكّدًا استمرار التنسيق مع السلطة الفلسطينية لاستكمال هذه الخطوة.
وتُعدّ هذه التحركات الفرنسية الجديدة جزءًا من مبادرة أوروبية أوسع لإحياء مسار السلام، وإعادة بناء المؤسسات الفلسطينية بما يمهّد لقيام دولة فلسطينية ذات سيادة، في وقت تتزايد فيه الضغوط الدولية لإرساء واقع سياسي جديد لما بعد الحرب في غزة.



