أصبحت رخصة القيادة في البلاد رفاهية مُكلفة أكثر من أي وقت مضى، حيث يحتاج المتدرّبون اليوم لإنفاق ما يزيد على 8,000 شيكل من أجل اجتياز المسار الطويل نحو "التيست" الامتحان العملي للحصول على الرخصة.
تغييرات جذرية في عالم تعليم السياقة
تشير المعطيات إلى تراجع الإقبال على تعلم القيادة على سيارات ذات ناقل حركة يدوي، إذ أن 82% من الطلاب عام 2023 تدربوا على سيارات أوتوماتيكية، في ظل تزايد استخدام السيارات الكهربائية المزودة بأنظمة قيادة متطورة. من جهة أخرى، ازدادت التحديات في بيئة القيادة نفسها، فالاكتظاظ المروري والازدحامات الخانقة يحولان دون الاستفادة الكاملة من الدروس، ويُرغم الطلاب على أخذ عدد أكبر من الحصص.
ارتفاع الأسعار وتكاليف إضافية
بحسب فحص أجرته شركة "دان أند برادستريت"، ارتفعت أسعار حصص تعليم السياقة في السنوات الثلاث الأخيرة بنسبة تتراوح بين 15%–20%. تكلفة الحصة الواحدة اليوم في منطقة المركز تتراوح بين 180–220 شيكل، بينما يبلغ المعدل الوسطي للحصول على الرخصة (يشمل الحصص، رسوم الاختبارات، وأجور إضافية) أكثر من 8,000 شيكل.
ويقول معلمو سياقة إن هذه التكاليف تعكس ارتفاع أسعار السيارات والتأمينات، إضافةً إلى كثرة الطلب مقابل عدد محدود من المعلمين.
الجدل حول عدد الحصص المطلوبة
في محاولة لخفض التكاليف، أوصت تقارير حكومية بتقليص الحد الأدنى من عدد الحصص من 28 إلى 13 فقط (للسيارات الأوتوماتيكية)، وهو مقترح أثار اعتراضات شديدة من معلمي السياقة وجمعيات السلامة على الطرق، خاصة في ظل الإحصائيات التي أظهرت زيادة مقلقة بنسبة 58% في وفيات السائقين الشباب خلال العام الماضي.
تفاوت بين المدن
المعطيات تكشف أيضًا عن فروقات ملحوظة في نسب النجاح بالامتحان العملي: ففي إيلات تصل نسبة النجاح إلى 53%، بينما في القدس وبيت شيمش لا تتجاوز 32%. كما أن الأسعار أقل في مدن الشمال مثل كرمئيل (130 شيكل للحصة) مقارنةً بمركز البلاد.
ضغوط اجتماعية وثقافية
رغم التكاليف المرتفعة والازدحامات، يبقى الحصول على رخصة قيادة "ضرورة اجتماعية" للشباب في البلاد. فبحسب معطيات دائرة الإحصاء المركزية، 31% من الشباب يمتلكون رخصة قبل سن 18، فيما تصل النسبة إلى 72% عند سن 24. ضعف البنية التحتية للنقل العام – خصوصًا أيام السبت – يجعل السيارة الخاصة الخيار شبه الوحيد للتنقل.
رخصة القيادة لم تعد مجرد خطوة طبيعية في حياة الشباب، بل تحولت إلى استثمار باهظ يثقل كاهل العائلات. وبينما تستمر التكنولوجيا في تبسيط جوانب من عملية القيادة، فإن البنية التحتية المتأخرة، الازدحامات، وغياب حلول جذرية من وزارة المواصلات، تجعل طريق الرخصة أكثر كلفةً وتعقيدًا من أي وقت مضى.