تشهد المدن المختلطة في البلاد موجة متصاعدة من الاعتداءات على سائقي الحافلات العرب، وسط شكاوى من غياب الحماية، واتهامات للشرطة بالتقصير وإغلاق الملفات دون تحقيق جدي. هذا ما أكده كل من محمد هريش، سائق في شركة "سوبر بوس" وممثل عن منظمة "قوى العمال"، إلى جانب سائق آخر تعرّض مؤخرًا لاعتداء عنيف خلال عمله - فضّل عدم ذكر اسمه، وذلك في مقابلات مع "راديو الناس".
هريش: "80% من الملفات تُغلق"
هريش: "80% من ملفات الاعتداء تُغلق"
غرفة الأخبار مع عفاف شيني
03:14
قال محمد هريش إن الاعتداءات على السائقين العرب "بلغت مستويات خطيرة في الأشهر الأخيرة"، مؤكدًا أنّ معظمها يحدث في المدن المختلطة حيث يعمل عدد كبير من السائقين العرب.
وأضاف: "هناك ارتفاع واضح في الاعتداءات على سائقي الحافلات، خصوصًا العرب. معظم الاعتداءات تقع في المدن المختلطة، ورغم وجود مقترحات لتعزيز الأمن داخل الحافلات، ما زلنا نرى فقط ثلاثة حرّاس في مدينة بحجم القدس التي يسكنها مليون نسمة. لمن سيكفون؟"
وانتقد هريش غياب البنية القانونية التي توفر حماية حقيقية للسائقين، قائلاً: "كل الحديث عن أنظمة أمن جديدة لا يغير شيئًا. الحل يبدأ عندما تعترف الدولة بأن سائق الحافلة هو خادم جمهور، تمامًا كالممرّض والطبيب والعامل الاجتماعي. حينها يتغير القانون، ويصبح الاعتداء على السائق اعتداءً على موظف يخدم الجمهور، وبالتالي يُعامل بشكل مختلف ويُعاقَب مرتكبوه بشدة."
وأشار إلى أن نسبة كبيرة من قضايا الاعتداء تُغلق دون محاسبة: "ثمانون في المئة من ملفات الاعتداءات تغلق رغم وجود شهود وأدلة. أما الملفات ضد السائقين فغالبًا ما تُتابع حتى النهاية. هذا خلل خطير". وأكد أن الاعتداءات ضد سائقي الحافلات العرب تتم في كثير من الأحيان على خلفية قومية، دون أن تتعامل الشرطة مع خطورتها بالشكل المطلوب: "لا يوجد تعامل جدي. الشرطة تتجاهل الخلفية القومية في معظم الحالات، وهو أمر مقلق للغاية."
وختم مطالبه قائلاً: "المطلب الأول هو أن تقوم الشرطة بعملها. نحن لا نملك ثقة كبيرة بالشرطة، لكننا نطالب بالاعتراف الرسمي بنا كخادمي جمهور، عندها فقط يمكن أن يتغير القانون وتشتد العقوبات."
سائق آخر يروي تفاصيل اعتداء خطير: "كانت محاولة قتل"
سائق آخر يروي تفاصيل اعتداء خطير: "كانت محاولة قتل"
غرفة الأخبار مع عفاف شيني
04:13
في المقابلة ذاتها، استمعت الإذاعة إلى شهادة سائق آخر تعرّض قبل أسبوعين لاعتداء عنيف خلال عمله. وقد وصف الحادثة بأنها "محاولة اغتيال". وقال السائق: "خلال عملي مساءً، هاجمني عشرات الشبان اليهود، نحو ثلاثين إلى أربعين شخصًا، فقط لأنني لست يهوديًا. قذفوني بزجاجات المشروبات وألقوا عليّ عصيرًا داخل الحافلة."
وأوضح أن الهجوم كان مخططًا: "أغلقوا الشارع وصنعوا كمينًا، وعندما أدركت أن هناك اعتداء، اتصلت بالشرطة. وصلت بعد خمس إلى سبع دقائق، وكان ذلك متأخرًا جدًا." وعن طبيعة الاعتداء قال: "ضُربت بأدوات خشبية ثقيلة وبحجارة، وكانت ضربة موجهة إلى رأسي مباشرة. لولا أني رفعت يدي في اللحظة الأخيرة لكانت إصابة قاتلة."
ونُقل السائق إلى المستشفى، لكنه أكد أنه تلقى معاملة "سيئة وغير مهنية"، مضيفًا: "حتى الشرطة تعاملت معي باستخفاف شديد. أجّلوا أخذ إفادتي، وقالوا لي ارجع بعد ساعة. في النهاية قدّمت الشكوى، لكن الملف أُغلق خلال أسبوعين بذريعة أنهم لم يجدوا المعتدين، رغم أن الشارع مليء بالكاميرات والحافلة أيضًا فيها كاميرات."
وبيّن أن وضعه النفسي لا يزال صعبًا: "أعاني ضررًا جسديًا ونفسيًا، ولا أستطيع العودة إلى عملي. لا أحد يدافع عنا، لا الشرطة، ولا وزارة المواصلات، ولا الشركة". وأوضح أنه يبحث عن عمل بديل لأن العودة لقيادة الحافلة أصبحت شبه مستحيلة.
دعوات للتحرك قبل وقوع مأساة أكبر
تظهر الشهادتان حجم الخطر الذي يواجهه السائقون العرب في المدن المختلطة، وسط غياب إجراءات ردع فعّالة. وبينما تتزايد مطالب السائقين بالاعتراف بهم كـ"خادمي جمهور"، تبقى ملفات الاعتداءات تُغلق، ما يعزز الشعور بانعدام الأمن ويهدد بترك عشرات السائقين عملهم في قطاع يعاني أصلًا من نقص في القوى العاملة.


