قررت الهيئة التمهيدية للمحكمة الجنائية الدولية اليوم (الخميس) أن هنغاريا (المجر) "انتهكت التزاماتها كدولة موقعة على ميثاق روما" لعدم قيامها بتوقيف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، خلال زيارته الرسمية إلى البلاد في نيسان\أبريل الماضي، حيث أكدت الحكومة المجرية له مسبقًا بأنها "لن تحترم أمر الاعتقال الذي كان مفروضًا عليه".
القرار الذي صدر اليوم الخميس ينص على أنّ "هنغاريا منعت المحكمة من تنفيذ صلاحياتها من خلال عدم الاستجابة لطلب المحكمة الجنائية الدولية (ICC) بتوقيف نتنياهو، الذي كان قد صدر بحقه أمر اعتقال دولي. وقد تم إحالة القضية إلى مناقشة في الجمعية العامة للدول الأعضاء.
خلفية القرار
الجدير ذكره أنّه في نوفمبر\تشرين الثاني 2024، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أمرًا بالقبض على نتنياهو، وقد تم نشر ذلك في نفس اليوم عبر بيان صحفي. وفي مارس 2025، أفادت وسائل الإعلام بأن نتنياهو من المتوقع أن يزور المجر في أوائل أبريل، بدعوة من رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان.
ووفقًا للقرار الصادر اليوم، حاول مسجل المحكمة التواصل مع الحكومة المجرية في 21 و 24 و 26 من مارس للتحقق من التقارير وتوضيح الإجراءات المطلوبة، ولكن المجر لم تستجب ولم تجر أي مشاورات مع المحكمة.
في 31 مارس 2025، أكدت المجر رسميًا أن نتنياهو سيزور البلاد في الفترة من 2 إلى 6 أبريل. وفي نفس اليوم، أرسل رئاسة الجمعية العامة للدول الأعضاء رسالة إلى وزير الخارجية المجري، مؤكدًا على التزام المجر بالامتثال لطلبات الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية. وفي 3 أبريل، عند وصول نتنياهو إلى المجر، قدم المسجل طلبًا رسميًا للقبض عليه مؤقتًا، لكن المحكمة الجنائية الدولية أفادت بأن المجر لم تتجاوب ولم تتخذ أي إجراء لتنفيذ الطلب.
تشكيك في صلاحية المحكمة
في إطار الإجراءات القانونية، قدمت المجر حججًا لتبرير عدم امتثالها للطلب. أولًا، زعمت المجر أنها تعمل ضمن نظام قانوني ثنائي، وبالتالي لم تُدرج "ميثاق روما" في تشريعاتها الداخلية، مما منعها من توقيف نتنياهو. ثانيًا، ادعت المجر أن نتنياهو "يتمتع بحصانة دبلوماسية" كونه رئيس وزراء دولة غير عضو في المحكمة الجنائية الدولية (إسرائيل)، وبالتالي لا يمكن اتخاذ أي إجراء ضده. أخيرًا، شككت المجر في صلاحية المحكمة الجنائية الدولية وأمر الاعتقال.
هذا، ورفضت الهيئة، التي ترأسها القاضي نيكولا غيو، هذه الادعاءات. وأكدت المحكمة أن غياب التشريعات الداخلية لا يعفي الدولة من التزاماتها بموجب "ميثاق روما"، حيث يتعين على الدول ضمان وجود إجراءات قانونية مناسبة للتعاون مع المحكمة. كما قررت أن المجر لم تستغل الفرصة للتشاور مع المحكمة بشأن أي صعوبات قد تواجهها في تنفيذ الطلب، كما ينص عليه المادة 97 من الميثاق.
وبخصوص الحصانة، أشارت الهيئة إلى أن المجر لم تطرح هذه الادعاءات في الوقت المناسب، وأن المادة 98(1) من الميثاق لا تسمح لأي دولة بالامتناع عن التعاون بشكل أحادي الجانب. كما شددت المحكمة على أن المجر، التي هي دولة عضو في الميثاق حتى 2 يونيو 2026 (موعد دخول إشعار انسحابها حيز التنفيذ)، ملزمة بالامتثال لقرارات المحكمة الجنائية الدولية. وتم اعتبار عدم توقيف نتنياهو "إهانة كبيرة لقدرة المحكمة على أداء مهامها".
قررت الهيئة إحالة القضية إلى الجمعية العامة للدول الأعضاء، داعية إلى اتخاذ خطوات لضمان التعاون المستقبلي من قبل المجر ودول أخرى. يعكس القرار التزام المحكمة الجنائية الدولية بضمان أن تلتزم الدول الأعضاء بتعهداتها، خاصة فيما يتعلق بتوقيف وتسليم المتهمين.