شهد المجتمع العربي في البلاد نهاية أسبوع دامية جديدة، راح ضحيتها أربعة أشخاص، بينهم شقيقان في جريمة قتل مزدوجة ببلدة إبطن. وبذلك ارتفع عدد ضحايا العنف والجريمة منذ مطلع العام إلى 208 قتلى، في حصيلة مأساوية تُظهر استمرار النزيف الداخلي وسط عجز رسمي وشعبي عن كبحه.
محمد بركة: الدولة تخوض حربًا ضد المجتمع العربي عبر تفشّي الجريمة
هذا النهار مع شيرين يونس وفراس خطيب
10:35
في ظل هذا الواقع المقلق، أطلقت لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية دعوة إلى مظاهرة احتجاجية يوم الخميس في كفر ياسيف، ضمن سلسلة خطوات تهدف إلى كسر الصمت ورفع الصوت الجماعي ضد الجريمة المنظمة والإهمال الرسمي.
وفي حديث لراديو الناس، تناول رئيس اللجنة محمد بركة جذور الأزمة، ومسؤوليات الدولة والمجتمع، ودور المتابعة في مواجهة هذا الانفلات المتصاعد.
"208 ضحية منذ بداية العام": رقم مرعب ومؤشر خطير
قال بركة في مستهل حديثه:"نحن نشهد زيادة غير معقولة وغير طبيعية في عدد الضحايا. المجتمع العربي في الداخل يحتل المرتبة الأولى عالميًا في عدد جرائم القتل قياسًا بعدد السكان، وهذا لا يعني أننا مجتمع مجرم، بل أن هناك تسيّبًا ممنهجًا يسمح بتفشي الجريمة دون رادع".
وأضاف أن مقابلات وزير الأمن الداخلي الأخيرة تكشف أن إسرائيل تمارس حربًا حقيقية ضد المجتمع العربي من خلال أدوات الجريمة والعنف، معتبرًا أن هذا الإهمال ليس فشلًا عشوائيًا، بل سياسة متعمدة تهدف إلى إنهاك المجتمع العربي وتمزيق نسيجه.
"مسؤوليتنا نحن أيضًا": دعوة لتحمل جماعي وشراكة داخلية
رغم انتقاداته الحادة للسلطات، شدّد بركة على أن المسؤولية لا تقع على الدولة وحدها، بل على المجتمع العربي نفسه أيضًا: "يجب أن ننظر إلى بيوتنا. القاتل والمقتول كلاهما ضحية، وهذا يفرض علينا مسؤولية كبيرة. العنف يبدأ من البيت وينتهي في الشارع".
وأشار إلى أن لجنة المتابعة تعمل على عدة مسارات:
- تنظيم مظاهرات ووقفات احتجاجية مستمرة.
- عقد مؤتمرات علمية ومجتمعية لمناقشة حلول عملية
- تفعيل لجان "إشاعة السلام" التي تمكنت من حل أكثر من 1600 نزاع محلي في عشرين بلدة خلال عام واحد
وبرأي بركة، فإن هذه المبادرات تثبت أن العمل الميداني ممكن عندما تتوافر الإرادة السياسية والمجتمعية معًا.
العنف ظاهرة اجتماعية والجريمة المنظمة قضية سياسية
في تحليله لطبيعة المشكلة، ميّز بركة بين العنف الفردي والجريمة المنظمة، معتبرًا أن الأولى اجتماعية وتربوية وتتطلب معالجة داخلية، بينما الثانية «مشروع سياسي» تتحمل الدولة مسؤوليته المباشرة.
«في العنف، 80٪ من المسؤولية تقع علينا كمجتمع، و20٪ على الدولة. أما في الجريمة المنظمة فالمعادلة معكوسة: 80٪ على الدولة و20٪ علينا»، قال بركة.
وأكد أن عصابات الإجرام تعمل بعلم الأجهزة الأمنية، مضيفًا: "الشرطة تعرف تمامًا أين الأسلحة وأين العصابات، لكنها لا تتدخل لأن مشروع الجريمة يخدم أجندة سياسية لإضعاف مجتمعنا".
مظاهرة كفر ياسيف: صرخة ضد الموت البطيء
وحول الدعوة إلى مظاهرة الخميس، أوضح بركة أن الخطوة تأتي «ضمن تحمّل المسؤولية الجماعية ومواصلة الضغط الشعبي»، مشيدًا بتجاوب المجلس المحلي في كفر ياسيف والقوى السياسية والمجتمعية كافة.
وقال إن المظاهرة ستكون صرخة قوية ضد العنف، وستُتبع بخطوات تصعيدية، منها اعتصام أسبوعي أمام مكتب رئيس الحكومة لاستعادة الضغط الميداني الذي خفّ خلال فترة الحرب.
انتقاد صمت الشارع ودعوة إلى تعبئة شاملة
تطرق بركة إلى الانتقادات التي تتهم القيادة العربية بالتقصير الشعبي، وقال:أي نقد مقبول، لكن يجب أن يكون هدفه البناء. المطلوب أن يكون الشعب والقيادة في خندق واحد، لا أن نُقسَّم الخندق بيننا وبين الناس.
وأضاف أن الفتور الشعبي في المشاركة بالمظاهرات سببه تراكم الإحباط، لكنه شدد على ضرورة استعادة روح التحشيد:عندما ندعو لمسيرة في كفر ياسيف أو لمؤتمر تربوي، يجب أن تكون المشاركة واسعة. لا يمكننا انتظار أن تتحرك الأمور من تلقاء نفسها.
"لن أترشح مجددًا" ودعوة للحفاظ على وحدة المتابعة
وفي ختام حديثه، أكد محمد بركة أنه لن يترشح لدورة جديدة في رئاسة لجنة المتابعة، مضيفًا:"المتابعة هي الإطار الوحيد الذي يجمع كل مركّبات المجتمع العربي – الأحزاب، رؤساء السلطات المحلية، المستقلين – تحت مظلة واحدة طوعية، لا سلطة فيها ولا أغلبية ومعارضة. هذا إنجاز تاريخي يجب الحفاظ عليه".
وأكد أنه سيساند الرئيس القادم "قدر ما يطلب"، متمنيًا أن يكون "أفضل منه أداءً وتأثيرًا"، داعيًا إلى صون وحدة اللجنة كـ«بيت جامع» لكل التيارات والاتجاهات.
خلاصة المشهد
208 قتيلًا منذ مطلع العام: مؤشر خطر على انهيار الأمن المجتمعي.
محمد بركة: الجريمة المنظمة مشروع سياسي لإسرائيل، والعنف مسؤولية مشتركة.
المتابعة العليا تدعو إلى مظاهرة واسعة في كفر ياسيف رفضًا للدم واللامبالاة.
دعوة إلى وحدة الصف الشعبي والقيادي، وتحويل الاحتجاج إلى فعل مستمر لا إلى رد فعل مؤقت.
مرحلة انتقالية مرتقبة في رئاسة لجنة المتابعة مع إعلان بركة عدم ترشحه مجددًا.

