تستعدّ إسرائيل لاستقبال الرئيس الأميركي دونالد ترامب في زيارة خاطفة صباح غد (الاثنين)، ستشمل خطابًا في الكنيست ولقاءً مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وعائلات الرهائن. الزيارة، التي ستستمرّ أربع ساعات فقط، تأتي في أعقاب الاتفاق الذي رعاه ترامب بين إسرائيل وحماس، والذي ينصّ على وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى بين الجانبين.
ومن المقرّر أن تهبط الطائرة الرئاسية "إير فورس وان" في مطار بن غوريون عند الساعة التاسعة وعشرين دقيقة صباحًا، حيث ستُقام مراسم استقبال قصيرة، قبل أن يتوجّه ترامب مباشرةً إلى الكنيست في القدس. وسيُنَفّذ برنامج الزيارة ضمن خطة أمنية واسعة تحمل الاسم الرمزي "درع أزرق 6"، وهي العملية التي تقودها الشرطة الإسرائيلية بمشاركة آلاف العناصر من وحدات الشرطة وحرس الحدود على طول الطريق بين المطار والعاصمة.
برنامج الزيارة والتنقّل
سيفتتح ترامب زيارته بلقاء مع نتنياهو في مكتب رئيس الحكومة داخل الكنيست، ثم يلتقي عائلات الرهائن في قاعة شاغال، قبل أن يلقي خطابًا في الهيئة العامة عند الحادية عشرة صباحًا، ليصبح رابع رئيس أميركي يخاطب البرلمان الإسرائيلي بعد كارتر وكلينتون وبوش الابن. بعد الزيارة، سيعود إلى المطار ليغادر عند الساعة الواحدة ظهرًا متوجّهًا إلى شرم الشيخ، حيث سيشارك في قمة سلام مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وعدد من القادة الدوليين.
إستنفار أمني وإغلاقات واسعة
في القدس ومحيط المطار، تشهد إسرائيل حالة تأهّب قصوى، مع إغلاق متوقّع للطرق الرئيسية بين بن غوريون والقدس، وفرض قيود على حركة السير داخل العاصمة أثناء مرور الموكب الرئاسي. كما تم رفع مستوى التأهّب الأمني في المطار ومحيط الكنيست، وسط تعليمات بتقييد حركة الطائرات المدنية خلال فترة الهبوط والإقلاع.
ماذا نعرف عن الوفد المرافق لترامب؟
بشكلٍ عام، يخضع الوفد الرئاسي الذي يرافق رئيس الولايات المتّحدة في رحلاته الخارجية لبروتوكول دقيق تحدّده الخدمة السرّية في البيت الأبيض؛ وعادةً ما يضمّ وزير الخارجية أو نائبه، إلى جانب كبار مستشاري البيت الأبيض السياسيين والعسكريين والأمنيين، والسكرتير الصحفي، وطاقم الاتصالات والإعلام، والفريق الطبي الخاص، وعناصر الحماية الشخصية.
أمّا نائب الرئيس فلا يرافقه في أي زيارة خارجيّة، وذلك لأسباب دستورية وأمنية، إذ يُمنع وجود الرئيس ونائبه في المكان نفسه خلال مهام قد تتضمّن مخاطر، وغالبًا ما يتولّى نائب الرئيس إدارة الشؤون الداخلية في واشنطن أثناء غياب الرئيس.
وعن الطائرة الرئاسية Air Force One
تقلّ الرئيس والوفد المرافق الطائرة الرئاسية Air Force One، وهي من طراز بوينغ B 200-747 المعدّلة خصّيصًا للاستخدام الرئاسي (VC-25A)، وتُعدّ واحدة من أكثر الطائرات تحصينًا في العالم، وتُدار من قبل سلاح الجوّ الأميركي. تبلغ سرعتها القصوى نحو 630 ميلًا في الساعة، وتستطيع قطع أكثر من 12 ألف كيلومتر من دون الحاجة للتزوّد بالوقود، رغم امتلاكها قدرة على التزوّد بالوقود أثناء التحليق، ما يجعلها قادرة نظريًا على التحليق المتواصل لأيام في حالات الطوارئ.
من الداخل، صُمّمت الطائرة لتكون مركز قيادة جوّي متكامل قادر على إدارة أزمات سياسية أو عسكرية في أي لحظة، إذ تضمّ مركز اتصالات مشفّر بالكامل يربط الرئيس مباشرةً بالبيت الأبيض والبنتاغون، إلى جانب جناح رئاسي خاصّ يشمل غرفة نوم، وحمّامًا مزوّدًا بدش، ومكتبًا وغرفة اجتماعات صغيرة. كما تحتوي على قاعة تُستخدم لاجتماعات الحكومة المصغّرة أثناء الرحلا، ومطبخين رئيسيين قادرين على إعداد نحو 100 وجبة في جلسة واحدة، إضافة إلى ستة حمّامات بينها مرافق مهيّأة لذوي الإعاقة، ووحدة طبية مجهّزة للتعامل مع الحالات الطارئة البسيطة.
إلى جانب رمزيتها السياسية، تُعتبر "إير فورس وان" رمزًا لللهيبة التقنية الأميركية، إذ تجمع بين الوظيفة العسكرية والراحة الرئاسية في آنٍ واحد، وتُستخدم منذ أكثر من ثلاثة عقود كأداة دبلوماسية متحرّكة تمثّل صورة الولايات المتحدة في كل زيارة رئاسيّة خارجية.
"البيت الأبيض المتنقّل" – ماذا نعرف عن الموكب الرئاسي المُرافق؟
ويرافق الطائرة أسطول الموكب الرئاسي الأميركي المعروف باسم "The Presidential Motorcade"، وهو قافلة مدرّعة تُعتبر الأكثر تحصينًا في العالم، وتُلقَّب بـ"البيت الأبيض المتنقّل". يتكوّن الموكب من نحو عشرين مركبة تُنقل مسبقًا إلى الدولة المضيفة بطائرات شحن عسكرية من طراز C-17، ويشمل سيارات مدرّعة، ووحدات طبّية ومركز اتصالات متكامل.
وتسير في وسط الموكب السيارة الرئاسية "ذا بيست" (The Beast)، وهي كاديلاك مدرّعة بالكامل قادرة على مقاومة الرصاص والانفجارات والهجمات الكيميائية، ومزوّدة بهواء مستقلّ وإمدادات من فصيلة دم الرئيس نفسه تحسّبًا لأي طارئ. وإلى جانبها تسير مركبات خاصّة بوحدة مكافحة الهجمات (Counter Assault Team) ووحدة التشويش الإلكتروني "Watchtower" وسيارة الإسعاف الرئاسية، إلى جانب سيارة الاتصالات المتقدّمة "Roadrunner" التي تضمن اتّصالًا آمنًا ومباشرًا بين الرئيس والبيت الأبيض طوال الرحلة.
وبحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية، بدأت طائرات الشحن الأميركية بالوصول إلى إسرائيل منذ مساء السبت، محمّلةً بالمعدّات الخاصّة التابعة للفريق الرئاسي، في إطار التحضيرات اللوجستية التي تسبق أي زيارة لرئيس الولايات المتحدة لضمان الجهوزية الكاملة للموكب والاتصالات.
الإقامة واللوجستيات
وبحسب السفارة الأميركية في القدس، تمّ حجز طابقين كاملين في فندق الملك داود في القدس من مساء السبت وحتى نهاية الزيارة، وسط ترجيحات بأن يُضطرّ الفندق إلى إخلاء بعض الغرف لضمان الحماية الأمنية. ورغم أن برنامج الزيارة لا يزال قابلًا للتعديل تبعًا لتوقيت تنفيذ صفقة تبادل الأسرى، إلا أن المرجح أن ترامب لن يبيت في إسرائيل، وستقتصر الزيارة على بضع ساعات داخل القدس قبل مغادرته إلى مصر.
وتتزامن زيارة ترامب مع تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق غزة، التي تشمل انسحابًا جزئيًا للجيش الإسرائيلي من القطاع مقابل إطلاق سراح الرهائن خلال 72 ساعة.
ويُنظر إلى هذه الزيارة على أنها تتويج سياسي وشخصي لترامب بعد وساطته في الصفقة، وفي الوقت نفسه عرض ضخم للقدرة اللوجستية والأمنية الأميركية في واحدة من أكثر الزيارات حساسية منذ سنوات. كما تتقاطع مع الذكرى الثانية لهجوم السابع من أكتوبر وفق التقويم العبري، ما يمنحها بعدًا رمزيًا مضاعفًا في الذاكرة الإسرائيلية.
First published: 16:41, 12.10.25


