أطلقت علامة American Eagle التجارية حملةً إعلانية جديدة بالتعاون مع الممثّلة الأمريكية "سيدني سوييني" (27 عامًا)، لحقتها عاصفة من الانتقادات لما تحمله، على حدّ الوصف، لإيحاءات عنصريّة ورسائل تربط مفهوم الجمال بالأصول العرقيّة. الحملة، التي أُطلِقت في 23 يوليو تحت عنوان "Sydney Sweeney Has Great Jeans"، اعتمدت على تلاعب لغويّ بين كلمتيّ "jeans" (جينز) و"genes" (جينات)، ما أثار اتّهامات مباشرة بترويج الحملة لصورة "الجمال الأبيض".
في المقاطع المختلفة للإعلان، ظهرت سوييني وهي ترتدي ملابس جينز مستوحاة من سبعينات القرن الماضي، وتتحدّث مباشرةً إلى الكاميرا قائلة: "الجينات تنتقل من الأهل إلى الأبناء، وغالبًا ما تحدّد صفات مثل لون الشعر، الشخصية، وحتى لون العينين. جينزي أزرق"؛ ليعقبها صوت الرّاوي بقوله: "Sydney Sweeney has great jeans".
هذا التلاعب بالكلمات، إلى جانب اعتماد الحملة على صورة نمطية لامرأة شقراء ذات عيون زرقاء، أثار انتقادات واسعة، حيث اعتبره البعض رسالة مبطّنة تُعيد إحياء أفكار قديمة تربط بين الجمال وبين الصفات الوراثية المرتبطة بأصل الشخص وخلفيّته العرقية، وكأنّها توحي ضمنًا بأنّ الجينات "البيضاء" هي المعيار الأعلى للجمال؛ ما يعني تلقائيًا تهميش كلّ من لا تتطابق ملامحه مع هذه الصورة النمطية.
من جهتها، ردّت American Eagle ببيان عبر إنستغرام أكّدت فيه أنّ الحملة "كانت وستبقى عن الجينز فقط"، وأضافت: "Great jeans look good on everyone. سنواصل الاحتفاء بكيفيّة ارتداء الجميع لجينز AE بأسلوبهم الخاصّ". ولم يهدّئ الردّ من حدّة الانتقادات، بل اعتبره البعض تجاهلًا تامًّا لمضمون الانتقادات وجوهرها، وللأبعاد الثقافية العميقة التي حملتها الرسالة الإعلانية.
وفي خضمّ هذا الجدل، تمّ الكشف عن تسجيل سيدني سوييني كعضو في الحزب الجمهوري بفلوريدا منذ عام 2024، ما أثار موجة جديدة من الانتقادات وأعاد إلى الواجهة مواقفها السياسية ودورها في حملات مرتبطة بخطاب الهوية البيضاء المحافِظة. ويُذكر، أنّ سوييني سبق أن تعرّضت لانتقادات مشابهة عام 2022 بعد انتشار صور لها من حفل عائليّ حمل شعارات سياسية مرتبطة باليمين الأمريكي.
ورغم الضجّة، حقّقت الحملة نتائج اقتصادية واضحة؛ إذ ارتفعت أسهم American Eagle بنسبة 10%، ما أدّى إلى زيادة قيمتها بأكثر من 200 مليون دولار خلال أيّام، وأثار تساؤلات حول ما إذا كانت إثارة الجدل هذه جزءًا من استراتيجية تسويقية مبنيّة على "الاستفزاز المُخطّط".
حتى اللحظة، لم تصدر سوييني أي تصريح رسمي، في حين أوضحت مديرة التسويق في الشركة انّ الحملة جاءت بعد اتّفاق مع سوييني على "دفع الحدود وكسر القواعد التقليدية" بهدف استفزاز الجمهور بطريقة "ذكيّة" على حدّ وصفها.
في نهاية المطاف، وبعيدًا عن إطار الإعلان نفسه، فإنّ هذا الجدل يعيد طرح تساؤلات أعمق حول صناعة الأزياء والإعلانات: أين ينتهي الذكاء التسويقي وتبدأ الاستفزازات الرخيصة؟ وهل يمكن فعلًا فصل الحملات الإعلانية عن رمزيّاتها الثقافية والسياسية، لا سيّما في الشارع الأمريكي المنقسم حول مفاهيم الجمال والهوية العرقية؟