ضمن مساعٍ متجدّدة لتعزيز حماية القاصرين على الإنترنت، أعلنت منصّة YouTube عن بدء استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لتقدير أعمار المستخدمين في الولايات المتحدة، بهدف فرض قيود عمريّة على المحتوى وتوفير بيئة أكثر أمانًا للمراهقين.
التقنية الجديدة، التي ستبدأ الشركة باختبارها خلال الأسابيع المقبلة على عيّنة محدودة من المستخدمين في الولايات المتّحدة (ثاني أكبر سوق للمنصّة بعد الهند)، تعتمد على خوارزميات تعلّم آلي لتحليل سلوك المستخدمين وتحديد ما إذا كانوا دون سنّ الثامنة عشرة؛ وذلك استنادًا إلى سجلّ التصفّح: نوعيّة المحتويات التي يشاهدها أو يبحث عنها المستخدم، طريقة استخدامه اليوميّة للمنصّة، إضافة إلى معطيات تقنيّة تتعلّق بالحساب مثل تاريخ انشائه، طريقة تسجيل الدخول، ووجود إشراف عائلي مفعّل.
وتأتي هذه الخطوة في ظلّ ضغوط متزايدة على شركات التكنولوجيا لتشديد الرقابة على وصول القاصرين إلى محتويات غير مناسبة، خاصّةً بعد ان بدأت دول مثل استراليا وبريطانيا بتطبيق قوانين جديدة تُلزم المنصّات الرقمية بالتحقّق من أعمار المستخدمين واتّخاذ إجراءات صارمة لحمايتهم.
بموجب هذا النظام، سيتمّ تفعيل مجموعة من القيود تلقائيًا على الحسابات التي يتمّ تصنيفها كحسابات قاصرين، أبرزها إيقاف الإعلانات المُستَهدفة (التي تعتمد على بيانات المستخدم)، تفعيل تنبيهات رقمية لتذكير المراهقين بأخذ فترات استراحة من المشاهدة، الحدّ من ظهور فيديوهات تتناول مواضيع حسّاسة كصورة الجسد أو أيّ نصائح قد تضرّ بثقة المراهقين بأنفسهم، إلى جانب تفعيل تنبيهات تتعلّق بالخصوصية عند رفع الفيديوهات أو كتابة التعليقات.
وأوضحت Youtube أنّ النظام الجديد لن يعتمد فقط على تاريخ الميلاد المُدرج في الحساب، بل سيستند إلى إشارات سلوكية وتقنية أخرى لتقدير عمر المستخدم بدقّة أكبر. وفي حال تمّ تصنيف أحد المستخدمين بالخطأ كقاصر، سيُتاح له خيار التحقّق من عمره عبر تحميل صورة لبطاقة هوية رسمية، أو إدخال معلومات بطاقة ائتمان، أو التقاط صورة سيلفي تُستخدم لمطابقة ملامح الوجه مع المستندات الرسمية.
رغم ذلك، أثارت الخطوة تساؤلات حول مدى فعاليّة التقنية وجدواها؛ إذ أشار مسؤولون في أستراليا إلى أنّ تجاربهم السابقة مع أنظمة تقدير الأعمار لم تثبت فعاليتها الكاملة. من جانبهم، أعرب عدد من صنّاع المحتوى عن قلقهم من تأثير هذه الإجراءات على عائداتهم الإعلانية وأرباحهم، خصوصًا في حال تصنيف جزء من جمهورهم كمراهقين.
في السياق الأوسع، يعكس هذا التوجّه استجابة Google، الشركة الأم لـ Youtube، للضغوط الدولية المتصاعدة لفرض رقابة أكثر صرامة على حماية الأطفال في العالم الرقمي، في وقت تشهد فيه التشريعات حول العالم تغيّرات متسارعة تستهدف منصّات التواصل الاجتماعي وتُلزمها بمستويات أعلى من المسؤولية في هذا المجال.