بعد عام على سقوط حكم الأسد | ماذا تغيّر في سوريا؟

سقوط دمشق السريع كشف هشاشة النظام القديم، لكنه في الوقت نفسه خلّف فراغًا في السلطة وأعاد إلى الواجهة تنافس القوى المسلحة والسياسية. فقد وجد السوريون أنفسهم أمام واقع جديد لا تزال ملامحه قيد التشكل

|
6 عرض المعرض
بشار الأسد
بشار الأسد
بشار الأسد
(FLASH90)
يُصادق اليوم 8 ديسمبر، مرور عام على سقوط نظام بشار الأسد، عقب العملية العسكرية التي نفّذتها فصائل معارضة ضمن "إدارة العمليات المشتركة"، والتي انتهت بتفكك الأجهزة الأمنية وفرار الأسد إلى الخارج. وبينما احتفت قطاعات واسعة من السوريين بنهاية حقبة طويلة من الحكم الأمني والقمع كما تم وصفه، فإن البلاد ما تزال تعيش طورًا انتقاليًا بالغ الحساسية، تتداخل فيه آمال البناء مع تحديات الانقسام والخطر.
تحوّل تاريخي وقلق من فراغ السلطة سقوط دمشق السريع كشف هشاشة النظام القديم، لكنه في الوقت نفسه خلّف فراغًا في السلطة وأعاد إلى الواجهة تنافس القوى المسلحة والسياسية. فقد وجد السوريون أنفسهم أمام واقع جديد لا تزال ملامحه قيد التشكل، حيث تتصارع مشاريع مختلفة حول هوية الدولة الجديدة ونظام الحكم المقبل.
6 عرض المعرض
 من لقاء ترامب والشرع اليوم في البيت الأبيض الذي انعقد دون مؤتمر صحفي
 من لقاء ترامب والشرع اليوم في البيت الأبيض الذي انعقد دون مؤتمر صحفي
من لقاء ترامب والشرع
(تصوير البيت الأبيض)
أحمد الشرع رجل المرحلة والمساءلة مع مطلع 2025، تقلد أحمد الشرع منصب رئيس المرحلة الانتقالية بموجب إعلان دستوري منح سلطات تنفيذية وتشريعية واسعة للحكومة الانتقالية. واعتبر معارضون أن التجربة تُعيد إنتاج مركزية القرار وإن بوجه جديد، بينما بررت قيادة المرحلة الانتقالية ذلك بضرورات فرض الأمن وتثبيت مؤسسات الدولة ومنع تشظي البلاد في ظل تعدد القوى والسلاح.
انفتاح دبلوماسي بحذر على الساحة الدولية، انقلبت المقاربة تجاه سوريا. فبعد سنوات من القطيعة والعقوبات، بدأت عواصم غربية وخليجية بفتح قنوات سياسية ودبلوماسية جديدة، واستقبلت وفودًا رسمية انتقالية لبحث مستقبل إعادة الإعمار وعودة الاستثمارات. كما بدأت بعض الشركات الإقليمية والدولية في استكشاف فرص اقتصادية محدودة داخل سوريا الجديدة. إلا أنّ هذا الانفتاح لا يزال مشروطًا بإصلاحات سياسية أعمق، وبضمانات تتعلّق بحقوق الإنسان، إلى جانب استمرار الحذر الدولي من نفوذ الفصائل المسلحة السابقة داخل بنية السلطة.
6 عرض المعرض
الرئيس السوري أحمد الشرع يلتقي بوتين في موسكو في زيارة تاريخية
الرئيس السوري أحمد الشرع يلتقي بوتين في موسكو في زيارة تاريخية
الرئيس السوري أحمد الشرع يلتقي بوتين في موسكو في زيارة تاريخية
(تُستخدم هذه الصورة بموجب البند 27 أ من قانون الحقوق الأدبية (2007))
المشهد الأمني: ساحة مفتوحة رغم انتهاء حكم الأسد، لم تتوقف التوترات العسكرية داخل سوريا. فقد كثّفت إسرائيل ضرباتها على مواقع مرتبطة بميليشيات موالية لإيران كان لها حضور تاريخي داخل البلاد. وفي الشمال، واصلت تركيا عملياتها العسكرية ضد قوات "قسد"، ما أبقى المنطقة في حالة اشتباك مستمر بين دمشق الجديدة وأنقرة والمكوّن الكردي الذي يطالب بضمانات سياسية أوسع ضمن شكل الحكم المتوقع. إلى جانب ذلك، لم يتم بعد إخضاع جميع القوى المسلحة للسلطة المركزية، ما يبقي الأمن معتمدًا على تفاهمات محلية غير مستقرة.
تحديات اقتصادية وإنسانية مستمرة ورغم بعض المؤشرات المشجعة، مثل تنشيط الحركة التجارية في أسواق دمشق وحلب وعودة تدريجية لبعض اللاجئين، فإن الاقتصاد السوري لا يزال هشًا للغاية. فالبنية التحتية تعاني دمارًا واسعًا، وقطاعات الإنتاج في بداية تعافٍ بطيء، بينما تواجه الحكومة الانتقالية صعوبات في توفير الخدمات الأساسية وتمويل المشاريع العامة. كما أن شريحة كبيرة من السوريين ما تزال تحت خط الفقر، فيما تُقدّر الحاجة إلى مليارات الدولارات لبدء إعادة إعمار حقيقية — وهو ما لن يتحقق دون استقرار سياسي شامل وثقة دولية أطول مدى.
6 عرض المعرض
قصف مقر وزارة الدفاع في دمشق ومحيطها
قصف مقر وزارة الدفاع في دمشق ومحيطها
قصف مقر وزارة الدفاع في دمشق ومحيطها
(بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية عام 2007)
مكاسب سياسية ومخاوف اجتماعية شهد العام الأول مساحة أكبر لحرية التعبير وظهور مؤسسات إعلامية ومدنية جديدة سمح لها بطرح رؤى حول مستقبل البلاد. كما تراجعت أدوار الأجهزة الأمنية في الحياة العامة مقارنة بما كان عليه الحال قبل السقوط. إلا أنّ مشاعر القلق ما تزال مهيمنة لدى شرائح من الأقليات الدينية والعرقية، خصوصًا في الساحل وجنوب البلاد، حيث تخشى من تغيّرات قد تُفضي إلى تهميش سياسي أو انتقامات فردية، رغم تأكيدات الحكومة الانتقالية بأن الدولة القادمة ستكون جامعة وغير إقصائية.
6 عرض المعرض
من اجتماع سابق بين قسد ووفد الحكومة السورية في دمشق
من اجتماع سابق بين قسد ووفد الحكومة السورية في دمشق
من اجتماع سابق بين قسد ووفد الحكومة السورية في دمشق
(سانا)
عام أول: مفتوح على الاحتمالات بعد عام واحد بلا أسد، تبدو سوريا في قلب معادلة سياسية دقيقة:فهي تتخلّص تدريجيًا من إرث الماضي الثقيل، لكنها لم تصل بعد إلى صيغة وطنية تُطمئن الجميع. وفي حين تتقدّم خطوات نحو تأسيس دولة مدنية تعددية، فإنّ بوادر الخلافات الداخلية والتحالفات المتضاربة ما تزال قائمة، ويمكن أن تتحول إلى عقبات خطيرة إذا لم تُدار بمرونة وحكمة. وبينما تتوالى التطلعات نحو انتخابات حرّة ودستور جديد، تبقى سوريا أمام اختبار القُدرة على التحول من مرحلة إسقاط النظام إلى مرحلة بناء الدولة — وهي مرحلة أصعب وأطول وتتطلب توافقًا حقيقيًا يضع مصلحة الشعب فوق كل اعتبار.
6 عرض المعرض
قصر الشعب - دمشق
قصر الشعب - دمشق
قصر الشعب - دمشق
(تصوير شاشة)