35 عامًا في الفضاء: حكاية التلسكوب هابل

يواصل هابل عمله حتى اليوم، بالتوازي مع التلسكوب الأحدث "جيمس ويب"، فيما يؤكّد العلماء أنه قد يستمرّ في إرسال صور مذهلة لعقد آخر على الأقلّ. 

راديو الناس|
احتفلت وكالة ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية (ESA) هذا الأسبوع بمرور 35 عامًا على إطلاق تلسكوب هابل، أحد أكثر الأدوات العلمية تأثيرًا في تاريخ استكشاف الفضاء. فما قصته؟ في 24 أبريل 1990، انطلق تلسكوب هابل الفضائي من مركز كينيدي للفضاء في فلوريدا إلى المدار حول الأرض، ضمن مشروع مشترك بين وكالة الفضاء الأوروبية ووكالة الفضاء الأمريكية ناسا. ولقد سُمّي على اسم عالم الفلك "إدوين هابل"، الذي اكتشف في القرن العشرين نظرية تمدّد الكون المستمرّ، ووجود مجرّات أخرى إلى جانب درب التبانة. زُوّد التلسكوب بكاميرات وأجهزة علميّة متطوّرة تتيح له التقاط صور مذهلة للفضاء، وإجراء أبحاث دقيقة بعيدًا عن تشويش الضباب والغيوم في الغلاف الجوي. كما ويعتمد التلسكوب على أجهزة تحليل طيفي، وهي أدوات تقوم بتفكيك ضوء الأجرام السماوية إلى مكوّناته الأساسية، ممّا يسمح بفهم تركيبة هذه الأجرام الكيميائية ودرجات حرارتها وسرعة حركتها في الفضاء. بالإضافة إلى ذلك، يستعين هابل بمجسّات دقيقة جدًا تتيح له تثبيت عدسته بثبات على أهداف بعيدة في الفضاء، دون أن ينحرف ولو بجزءٍ من الدرجة. قدّم تلسكوب هابل على مدار السّنين أكثر من 1.6 مليون رصد فضائي، وأسهم في نشر أكثر من 21,000 ورقة علميّة محكمة. من أبرز إنجازاته كان تحديد عمر الكون بدقّة تُقدّر بنحو 13.8 مليار سنة واكتشاف نظرية توسّع الكون المتسارع، وهو اكتشاف نال أصحابه جائزة نوبل في الفيزياء عام 2011. إضافةً إلى ذلك، تمّ إثبات وجود الثقوب السوداء في الفضاء من خلال تصوير مركز مجرّة M78 عام 1994، والتقاط صور لـ "سديم النسر"، وهو سحابة ضخمة من الغاز والغبار في الفضاء حيث تتكوّن النجوم الجديدة. داخل هذا السديم، تظهر هياكل عملاقة من الغبار تُعرف باسم "أعمدة الخلق"، أشبه بأعمدة شاهقة تمتدّ عبر الفضاء وتتجمّع فيها المواد الكونية. هذا ورصد التلسكوب لحظة نادرة لاصطدام مذنب "شوميكر – ليفي 9" بكوكب المشتري، في مشهد لم يحدث مثله على مرّ القرون.
بمناسبة مرور 35 عامًا على إطلاقه، كشفت ناسا والوكالة الأوروبية صورة جديدة مذهلة رصدها التلسكوب لبرج غباري ضخم يمتدّ بطول 9.5 سنة ضوئية (أي حوالي 9.5 تريليون كيلومتر) داخل سديم النسر. الصورة الجديدة بلونها البرتقالي والأزرق الداكن، تظهر تفاعل الغبار مع غاز الهيدروجين المنتشر في الفضاء. هذا وقد أصدر البيت الأبيض بيانًا رسميًا يهنئ فيه العلماء والمهندسين المساهمين في هذا الإنجاز، مؤكّدًا التزام أميركا بمواصلة ريادة استكشاف الفضاء. يواصل هابل عمله حتى اليوم، بالتوازي مع التلسكوب الأحدث "جيمس ويب"، فيما يؤكّد العلماء أنه قد يستمرّ في إرسال صور مذهلة لعقد آخر على الأقلّ.