في أول ظهور علني له منذ انتهاء مهامه، ألقى رئيس الشاباك السابق رونين بار اليوم (الثلاثاء) خطابًا خلال مؤتمر السايبر في جامعة تل أبيب، دعا فيه إلى تشكيل لجنة تحقيق رسمية حول هجوم السابع من أكتوبر، موجّهًا رسالة واضحة إلى القيادة الإسرائيلية قائلاً:"في القيادة، من الأفضل تحمّل المسؤولية عن الإخفاقات بدل السعي وراء الفضل على الإنجازات".
وخلال كلمته، وهي الأولى منذ خروجه من منصبه في 15 يونيو، استذكر بار الجنديين أوفير شوشاني وهيرش غولدبرغ بولين، الذي خُطف وقُتل في الأسر، ووجّه انتقادًا مبطّنًا لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. وأضاف:"أشخاص مثل أوفير وهيرش كان بإمكانهم الجلوس هنا اليوم والمساهمة في تفوقنا التكنولوجي. رؤيتهم تذكّرنا بمعنى المسؤولية وبالثمن الحقيقي حين نخطئ ونفشل."
تشكيل لجنة تحقيق رسمية مستقلة
وأكد بار أنّ الشاباك أجرى تحقيقًا ذاتيًا واسعًا، لكنه شدد أنّ السبيل الوحيد للتعلّم وضمان عدم تكرار أحداث 7 أكتوبر هو تشكيل لجنة تحقيق رسمية مستقلة.
وقال: "أجرينا تحقيقًا شاملاً وواجهنا إخفاقاتنا. ولكن الطريق الوحيدة لفهم الصورة الكاملة، ودحض نظريات المؤامرة، وتحديد ما يجب إصلاحه، هي لجنة تحقيق رسمية تحوي خبراء وترى المشهد بأكمله."
وحذّر من أن غياب لجنة تحقيق يعني، بحسب تعبيره، "الحكم على المختطَفين وعلى الشعب الإسرائيلي كله بإمكانية تكرار 7 أكتوبر مرة أخرى". ودعا: "فلنكفّ عن التناحر، ولندخل عملية مشتركة هدفها أن نصبح أفضل. كان الأمر في عهدتنا، ولذلك فهي مسؤوليتنا."
وتطرق بار إلى الساعات الأولى من صباح 7 أكتوبر قائلاً: "في ذلك الصباح الرهيب، رفع الشاباك رأسه وخرج للقتال على كل الجبهات. رجالنا قاتلوا تحت النار وقضوا على مخربين."
وأضاف أنّ التنظيم ما زال ملتزمًا بـ "إغلاق الحساب مع من بقي من المخططين" وبإعادة المختطف ران غويلي.
دعوة لإعادة صياغة العقيدة الأمنية لإسرائيل
خصص بار جزءًا كبيرًا من خطابه للحديث عن التغييرات الاستراتيجية المطلوبة في مفهوم الأمن القومي، في ظل التهديدات المتزايدة في مجالات الصواريخ، السايبر، والتأثير المعلوماتي.
وأشار إلى انتقال إسرائيل من مواجهة جيوش نظامية إلى صراعات مع تنظيمات إرهابية مدعومة من إيران، إضافة إلى الهجمات الرقمية وحملات التأثير.
وعرض رؤية لتأسيس بنية دفاع سيبرانية مشتركة للدول الغربية، تمتد من اليابان إلى الولايات المتحدة، تشمل وحدة دولية شبيهة بـ"شرطة سايبر عالمية" تسمح بتبادل المعلومات لحظيًا لمنع الهجمات.
وحذر من أنّ إيران هي "القاسم المشترك لجميع ساحات التهديد" — ليس فقط في المشروع النووي، بل في الصواريخ والعمليات التي تنفّذها ميليشياتها.
كما أشار إلى أن الفضاء الرقمي غيّر مفهوم السيادة، معتبرًا أن الحدود المادية لم تعد كافية، وأن على الدول "بناء جدران حماية أمام هجمات التأثير والسيبر".
ودعا إلى تحديث عقيدة بن غوريون الأمنية، موضحًا أن الردع التقليدي لم يعد فعالًا أمام تنظيمات مثل حماس وحزب الله، وأن التعامل مع هذه الجهات يتطلب "عمليات استباقية وحسمًا متواصلاً ضد قياداتها، إلى جانب إيجاد بدائل محلية تمنع عودتها".
"إسرائيل تخسر معركة التأثير"
وحذّر بار من أن إسرائيل "تخسر معركة الوعي" داخليًا وخارجيًا، خاصة على شبكات التواصل. وأكد ضرورة تعزيز القدرات الاستخباراتية والعملياتية في المجال الرقمي، والتعاون مع شركات التكنولوجيا لمنع بث المعلومات المضللة والعدائية في الوقت الحقيقي.
البنية الأمنية المستقبلية: الذكاء الاصطناعي في قلب المواجهة
تحدث بار أيضًا عن دور الذكاء الاصطناعي في المنظومات الأمنية، محذرًا من صعوبة تبني "الجيل القديم" للتغيير، لكنه شدد على أن التكنولوجيا تقدّم حلولًا لتحديات استخباراتية استعصت لعقود. وبحسب قوله، يجب أن يكون دور الذكاء الاصطناعي تحديد الأخطاء وتخفيف العبء عن العاملين، لكن المسؤولية النهائية يجب أن تبقى بشرية.
وختم بقوله: "على إسرائيل ألا تكون فقط أمة الهايتيك – بل أمة الذكاء الذكي Smart-Up Nation".
يُذكر أنّ بار أنهى ولايته كرئيس للشاباك في يونيو الماضي بعد ثلاث سنوات ونصف من الخدمة بدأت في أكتوبر 2021، في فترة توصف بأنها من الأكثر اضطرابًا في تاريخ الجهاز، وانتهت بخلاف بينه وبين نتنياهو إثر "انعدام الثقة" بين الطرفين، ومحاولة حكومية لإقالته أوقفتها المحكمة العليا.


