1 عرض المعرض


الرئيس السوري أحمد الشرع يلتقي بوتين في موسكو في زيارة تاريخية
(تُستخدم هذه الصورة بموجب البند 27 أ من قانون الحقوق الأدبية (2007))
في تطور سياسي غير مسبوق منذ سقوط نظام بشار الأسد، استقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الكرملين، نظيره السوري الجديد أحمد الشرع، في أول زيارة رسمية له إلى روسيا منذ توليه السلطة بعد الثورة التي أطاحت بالنظام السابق في دمشق.
اللقاء، الذي وُصف في موسكو بأنه “مغلق وحساس”، تناول ملفات أمنية وعسكرية واقتصادية، أبرزها الطلب السوري الرسمي بتسليم بشار الأسد، الذي يعيش في روسيا منذ الإطاحة به قبل نحو عام.
وبحسب مصادر روسية وسورية متقاطعة، فقد طرح الشرع على بوتين “صفقة متكاملة” تتضمن ضمان استمرار تشغيل القواعد الروسية في اللاذقية وطرطوس، مقابل تعاون الكرملين في تسليم الأسد إلى السلطات السورية الجديدة.
ويُعتقد أن موسكو ما زالت تدرس الطلب، في ظل تعقيدات سياسية وإنسانية وأمنية تحيط بمصير الأسد وعائلته المقيمة في العاصمة الروسية.
استمرار الوجود الروسي في سوريا
أكد الشرع خلال اللقاء أن دمشق “تحترم جميع الاتفاقيات الموقعة مع موسكو”، مشددًا على أن سوريا “ترى في روسيا شريكًا استراتيجيًا طويل الأمد”.
في المقابل، أعلن بوتين أن روسيا “مستعدة لدعم المبادرات المشتركة وتطوير التعاون في المجالات كافة”، في إشارة إلى رغبة الطرفين في إعادة تعريف العلاقات الثنائية بعد التغيير السياسي الكبير في دمشق.
القواعد الروسية في حميميم وطرطوس تظلّ محورًا رئيسيًا في التفاهمات الجديدة، إذ تعتبرها موسكو ركيزة لوجودها العسكري في الشرق الأوسط وإفريقيا.
وذكرت وكالة رويترز أن دمشق طلبت من موسكو ضمان عدم استخدام هذه القواعد لدعم بقايا النظام السابق أو تسليح موالين للأسد.
تعاون اقتصادي ومشاريع إعادة الإعمار
تزامنًا مع المحور الأمني، ناقش الجانبان ملفات اقتصادية كبرى تتعلق بإعادة إعمار البنية التحتية السورية بعد سنوات الحرب، بما في ذلك مشروعات الطاقة والنفط والسكك الحديدية.
وقال نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك إن موسكو “جاهزة للمساهمة في مشاريع استراتيجية لإعادة بناء الاقتصاد السوري، واستعادة قطاع الطاقة الذي دُمّر خلال الحرب”.
وتأمل دمشق أن يؤدي تجديد العلاقات مع روسيا إلى تسهيل شحنات القمح والتعويض عن خسائر الحرب.
مستقبل الأسد،بين السياسة والحماية الروسية
رغم أن مصير بشار الأسد لا يزال غامضًا، إلا أن مصادر إعلامية روسية أكدت أن الرئيس السابق يعيش مع عائلته تحت حراسة أمنية مشددة في موسكو.
ونقلت وسائل إعلام أن عائلة الأسد تقيم في شقة فاخرة ببرج سكني في العاصمة، فيما تحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان عن “محاولة تسميم فاشلة” ضد الأسد، لم يتم تأكيدها رسميًا.
وتشير التقديرات إلى أن بوتين لن يسارع في اتخاذ قرار بتسليم الأسد، نظرًا للعلاقة الطويلة التي جمعت الرجلين ولرمزية الأسد في الوجود الروسي في الشرق الأوسط، لكن المراقبين يرون أن التحالف الروسي–السوري الجديد يسير نحو إعادة رسم خطوط النفوذ ببراغماتية جديدة.
ملف الجنوب السوري والتوتر مع إسرائيل
مصدر دبلوماسي أوروبي كشف أن زيارة الشرع لموسكو تطرقت أيضًا إلى المواجهة المستمرة بين إسرائيل والفصائل السورية في الجنوب.
ووفقًا لتقارير رويترز، طلب الشرع من بوتين دعمًا روسيًا لرفض إقامة منطقة منزوعة السلاح في الجنوب السوري، كما بحث إمكانية إعادة نشر الشرطة العسكرية الروسية في المنطقة لردع العمليات الإسرائيلية المتكررة.
زيارة الشرع إلى موسكو تُعدّ مؤشرًا على تحوّل جذري في ميزان القوى داخل سوريا، وتؤكد أن موسكو تسعى إلى الحفاظ على نفوذها العسكري والاقتصادي مع النظام الجديد، مقابل المرونة في ملفات كانت تُعتبر “خطوطًا حمراء” في عهد الأسد.
ويرى محللون أن الصفقة المطروحة، تسليم الأسد مقابل استمرار القواعد الروسية، تمثل أكبر اختبار سياسي للعلاقة بين موسكو ودمشق منذ اندلاع الحرب السورية، وقد تعيد رسم ملامح النفوذ الروسي في المنطقة لسنوات مقبلة.

