تتصاعد أزمة التعليم الخاص في إسرائيل بشكل يثير قلقًا واسعًا في الأوساط التعليمية والاقتصادية، مع ازدياد حاد في الميزانيات وعدد الطلاب الملتحقين بهذه المنظومة، في مقابل فشل الإصلاحات الرامية إلى دمجهم في جهاز التعليم العام.
تشير المعطيات الرسمية إلى أن ميزانية التعليم الخاص ارتفعت خلال أربع سنوات بنسبة 60%، من 15 مليار شيكل عام 2021 إلى 24 مليار شيكل عام 2025، وهي زيادة تفوق بضعفين تقريبًا معدل نمو ميزانية وزارة التربية والتعليم ككل، والتي ارتفعت في الفترة ذاتها بنسبة 27% فقط. وبهذا ارتفعت حصة التعليم الخاص من ميزانية الوزارة من 21% عام 2021 إلى 26.3% عام 2025، مع توقعات بأن تتجاوز 30% بحلول 2030 إذا استمر هذا الاتجاه.
تكاليف التعليم الخاص أعلى بأضعاف مقارنة بالتعليم العادي؛ إذ تصل كلفة الطالب في المسار الخاص المنفصل إلى ثلاثة حتى خمسة أضعاف كلفة الطالب في التعليم العام. فبينما تبلغ الكلفة السنوية للطالب في التعليم العادي 27.3 ألف شيكل، ترتفع إلى 74.1 ألف للطلاب ذوي صعوبات التعلم أو المشكلات السلوكية، و116.3 ألف للطلاب المصنّفين كذوي مشكلات نفسية، وتصل إلى 129 ألف شيكل للطلاب على طيف التوحّد.
كما تسارعت وتيرة نمو عدد الطلاب في التعليم الخاص، إذ ارتفع بنسبة 22.6% خلال ثلاث سنوات فقط، من 292 ألف طالب عام 2022 إلى 358 ألفًا متوقعين عام 2025. اللافت أنّ النمو الأسرع سُجّل في فئات التلاميذ ذوي المشكلات النفسية والطلاب على طيف التوحّد، حيث ارتفعت أعدادهم بنحو 76% و79% على التوالي خلال الفترة نفسها.
في المقابل، فشلت الإصلاحات الحكومية في رفع نسبة الدمج، بل تراجعت. فإذا كان 38.6% من الطلاب يتعلمون في أطر منفصلة عام 2022، فإن النسبة ارتفعت إلى 40% بحلول 2025. ويُعزى ذلك، وفق تقارير رسمية، إلى اكتظاظ الفصول في التعليم العام وغياب التدريب الكافي للمعلمين في التعامل مع الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة، إضافة إلى فجوة كبيرة في الخدمات والموارد المقدمة بين التعليم المدمج والتعليم المنفصل.
خطط حكومية "غير قابلة للتنفيذ"
اللجنة الخاصة برئاسة عموس شبيرا، المعيّنة من وزير التعليم يوآف كيش، أوصت بخطة جذرية تتمثل في تقليص حجم الصفوف من أكثر من 30 طالبًا إلى نحو 19، وتأهيل جميع المعلمين في موضوع التعليم المدمج، إلى جانب استثمار أكبر في رياض الأطفال لاكتشاف المشكلات وعلاجها مبكرًا. وقدرت اللجنة كلفة الخطة بـ 14 مليار شيكل استثمارًا لمرة واحدة في البنية التحتية، مع إضافة سنوية قدرها 1.5 مليار شيكل. غير أن وزارة المالية رفضت المقترحات معتبرة أنها "غير قابلة للتطبيق" وتدفع بدلًا من ذلك نحو فرض قيود صارمة على الانتقال إلى التعليم الخاص.
في ظل هذا الانقسام، تبقى التوصيات معلّقة إلى ما بعد 2027 على الأقل، فيما تحاول منظمات الأهالي والجهات المدنية دفعها إلى صدارة الأجندة السياسية استعدادًا للانتخابات المقبلة.
وتشير أصوات أكاديمية إلى أن جزءًا من الزيادة في تشخيصات التعليم الخاص يعود أيضًا إلى أنماط الحياة الحديثة، مثل الإفراط في استخدام الشاشات وقلة البيئة الطبيعية والعلاقات الاجتماعية، إلى جانب ميل جهاز التعليم إلى "تصنيف" السلوك المختلف عن المألوف كحالة تستدعي التعليم الخاص.
وبينما يدور الجدل حول التكاليف والجدوى الاقتصادية، يحذر خبراء من أن استمرار التوجه الحالي سيجعل التعليم الخاص واحدًا من أكبر التحديات أمام مستقبل النظام التعليمي والاقتصاد الإسرائيلي على حد سواء.