تسود حالة من الاستنفار والترقب في إسرائيل وقطاع غزة مع بدء تطبيق المرحلة الأولى من اتفاق الهدنة والتبادل ، الذي تم التوصل إليه ضمن مبادرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وبحسب الجدول الزمني المتفق عليه، يبدأ العد التنازلي لمدة 72 ساعة تنتهي بإطلاق سراح جميع المختطفين الإسرائيليين الأحياء وعودة جثامين القتلى.
أمس: المصادقة على الاتفاق
مساء الخميس، عقد الكابينيت الأمني–السياسي الإسرائيلي جلسة مطوّلة استمرت حتى ساعات الليل، تلتها جلسة للحكومة تم خلالها المصادقة النهائية على المرحلة الأولى من الصفقة، والتي تشمل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين مقابل تحرير المخطوفين الإسرائيليين.
ورغم الخلافات، وافقت الحكومة على الخطة بعد تأجيل استمر أكثر من أربع ساعات، فيما لم تُقرّ بعد باقي بنود الصفقة النهائية، إذ تعتبر إسرائيل أن الكابينيت سبق أن صادق على المبادئ الخمسة لإنهاء الحرب وفق خطة ترامب.
خلال 24 ساعة: انسحاب الجيش ووقف إطلاق النار
بموجب الاتفاق، يُلزم الجيش الإسرائيلي نفسه بـالانسحاب خلال 24 ساعة إلى خط الانسحاب المتفق عليه مع حماس.
يشار الى أن الانسحاب بدأ عند الساعة 12:00 ظهر الجمعة، ما أتاح بدء سريان وقف إطلاق النار رسميًا.
الجيش الإسرائيلي سيبقي على سيطرته في 53% من أراضي قطاع غزة، بينما سيغادر مدينتي غزة وخان يونس اللتين بدأ بالسيطرة عليهما خلال العملية العسكرية الأخيرة “مركبات جدعون ب’”.
الخط الدقيق للانسحاب لم يُكشف بعد، لكن مصادر إسرائيلية أشارت إلى أنه قريب من “الخط الأصفر” الذي عرضته واشنطن، مع تعديلات طفيفة وافقت عليها تل أبيب.
خلال 72 ساعة: إطلاق سراح المختطفين
عقب استكمال الانسحاب، يبدأ العد التنازلي لمدة 72 ساعة، يُفترض أن يتم خلالها إطلاق سراح جميع المختطفين الإسرائيليين الأحياء دون طقوس علنية.
تُقدّر إسرائيل أن هناك 20 مختطفًا ما زالوا على قيد الحياة داخل القطاع، إضافة إلى 28 جثة. وتقول حماس إنها تجهل مواقع تسعة من بين هؤلاء القتلى، ما أثار قلقًا لدى أجهزة الأمن الإسرائيلية.
في البداية، توقعت الأجهزة الأمنية أن يتم إطلاق المختطفين يوم السبت، إلا أن التقديرات الجديدة تشير إلى أن التنفيذ سيتم يوم الاثنين، بالتزامن مع زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إسرائيل.
زيارة ترامب إلى إسرائيل
من المتوقع أن يصل ترامب صباح الاثنين، حيث سيلقي خطابًا في الكنيست في حدث استثنائي عشية العيد.
وقال ترامب في تصريحات مقتضبة:“إنه يوم عظيم للعالم، يوم توحّد فيه الجميع — إسرائيل، والشرق الأوسط، وكل دولة تسعى إلى السلام. إنه يوم رائع للجميع.”
تفاصيل الصفقة: من سيُفرج عنهم؟
تنصّ المرحلة الأولى على إطلاق سراح نحو 2000 أسير فلسطيني، بينهم 250 محكومًا بالمؤبد، إضافة إلى 1700 معتقل منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر.
مصادر أمنية إسرائيلية ذكرت أن أغلب المحكومين المؤبدين سيُرحّلون إلى الخارج — على الأرجح إلى تركيا أو قطر — رغم اعتراض بعض الأجهزة الأمنية التي فضّلت نقلهم إلى الضفة الغربية لتسهيل مراقبتهم.
وأكد مكتب رئيس الوزراء أن الصفقة لا تشمل عناصر من كتائب “النخبة” التابعة لحماس (نُخبة النُخبة) ولا القيادي مروان البرغوثي. كما أوضحت مصادر لقناة CNN أن جثامين قادة حماس يحيى ومحمد السنوار لن تكون ضمن الصفقة.
قوة دولية مشتركة للبحث عن المفقودين
في ضوء إعلان حماس عن عدم معرفة مواقع بعض الجثامين، كشفت مصادر في موقع ynet أنه سيتم تشكيل قوة مهام دولية مشتركة تضم إسرائيل، الولايات المتحدة، مصر، تركيا وقطر.
ستعمل هذه القوة على البحث عن المفقودين وإعادة جثامين القتلى الذين لن تتم إعادتهم خلال الـ72 ساعة الأولى، بالتنسيق مع جهات ميدانية في غزة، وبمساعدة اللجنة الدولية للصليب الأحمر عند الحاجة.
بهذا التطور، تبدأ فعليًا المرحلة الأولى من صفقة ترامب لإنهاء الحرب في غزة، والتي تمهد — إن نجحت — إلى اتفاق أوسع يشمل ترتيبات سياسية وأمنية دائمة.
لكن رغم الأجواء المتفائلة، تُبقي إسرائيل على حالة تأهب قصوى تحسبًا لأي إخلال من جانب حماس، فيما يعلّق العالم أنظاره على الساعات القادمة التي ستحدد إن كانت الهدنة بداية سلامٍ حقيقي أم استراحة مؤقتة من حربٍ طويلة.