الأوبرا المصرية تُحيي عيد ميلاد فيروز بحفلٍ خاصّ

مع استعداد دار الأوبرا لإحياء هذه الأمسية الاحتفالية، تستعيد القاهرة تاريخًا فنّيًا طويلًا جمعها بصوت فيروز، بما حمله من تسجيلات ومحطّات وحفلات بقيت جزءًا من ذاكرة المصريين ووجدانهم. 

1 عرض المعرض
فيروز
فيروز
فيروز
(وفق البند 27 أ لقانون حقوق النشر 2007)
تُحيي دار الأوبرا المصرية اليوم، الخميس، احتفالًا بعيد ميلاد السيّدة فيروز الذي وقع في العشرين من تشرين الثاني الماضي، ضمن أمسية تقدّمها فرقة عبد الحليم نويرة للموسيقى العربية بقيادة المايسترو أحمد عامر على المسرح الكبير، بمشاركة مجموعة من الأصوات الشابّة. ويأتي هذا الحفل تكريمًا لمسيرة فيروز الفنّية، واستحضارًا لحضورها الراسخ في الوجدان المصري منذ خمسينات القرن الماضي.
من أنطلياس إلى القاهرة – علاقة فيروز بـ "أمّ الدنيا"
تعود هذه العلاقة العريقة بين فيروز ومصر إلى خمسينات القرن الماضي، مع زيارة الوفد الفنّي المصري للبنان عام 1954، حين استمع كبار الفنّانين لأوّل مرة إلى صوتها في سهرة غنّت فيها أمام يوسف وهبي ومديحة يسري وأمينة رزق؛ فكانت تلك اللحظة مدخلًا للدعوة الرسمية التي وجّهتها إذاعة "صوت العرب" إليها والأخوين رحباني عام 1955. وصلت فيروز إلى القاهرة بعد ثلاثة أسابيع فقط من زواجها من عاصي الرحباني، وأمضت نحو ستة أشهر في المدينة سجّلت خلالها أكثر من أربعين عملًا، من بينها العمل المعروف "راجعون" الذي قُدّم دعمًا للقضية الفلسطينية، إضافةً إلى أغانٍ مثل "روح يا بلبل" و"يا ليل بلادي" وقصيدة "سوف أحيا".
بعد أحد عشر عامًا، عادت فيروز إلى القاهرة عام 1966 بدعوة رسمية من وزارة الإرشاد القومي، وسط استقبالٍ إعلامي وشعبي واسع. ظهرت حينها في الصحف أمام النيل وبرج القاهرة، وزارت مبنى الإذاعة والتلفزيون المصري "ماسبيرو"، كما التقت محمد عبد الوهاب وأم كلثوم. وتمّ تكريمها خلال الزيارة في معهد الموسيقى العربية وضمّها إلى "جمعية أصدقاء موسيقى سيّد درويش"، تقديرًا لدور الرحابنة في إحياء هذا التراث.
ذروة الحضور المصري: "مصرُ عادت شمسُك الذهبُ"
أمّا حضورها الأوسع في مصر فكان عام 1976، حين قدّمت أربع حفلات في حديقة الأندلس على ضفاف النّيل، افتتحتها بأغنية "مصرُ عادت شمسُك الذهبُ"، التي بُثَّت لاحقًا على التلفزيون المصري وحفظتها ذاكرة الجمهور لسنواتٍ طويلة. وتميّزت تلك الزيارة بحجم الاحتفاء الجماهيري والاهتمام السياسي والثقافي، إذ تزامنت مع احتفال مصر بذكرى انتصارات أكتوبر، ومع التحضيرات للقمّة العربية في القاهرة. وتُشير شهادات تلك المرحلة إلى حجم التحضيرات التي سبقت الحفلات، شملت توسيع خشبة المسرح لاستيعاب الفرقة الشعبية اللبنانية، وتوفير تجهيزات صوت وإضاءة استوردت من خارج مصر.
وكانت زيارتها الأخيرة إلى القاهرة عام 1989، عندما أحيَت حفلتين على مسرح الصوت والضوء عند الأهرامات، في ظهور وثّقته صورة نادرة التُقطت لها أمام أحد الأهرامات، ظلّت علامة على آخر حضور لها في مصر وعلى ختام مرحلة طويلة من العلاقة الفنّية.
تعاوُن موسيقي مُمتدّ
إلى جانب زياراتها، ارتبطت فيروز بالموسيقى المصرية عبر تعاونها مع محمد عبد الوهاب في أعمال مثل "يا جارة الوادي"، "سكن الليل" و"سهار"، إضافةً إلى إعادة تقديمها عددًا من أغنيات سيّد درويش، من بينها "الحلوة دي"، "زوروني كل سنة مرة"، "أهو ده اللي صار" و"طلعت يا محلا نورها". ورغم ابتعادها عن الظهور العلني في السنوات الأخيرة، بقي حضورها العاطفي تجاه مصر واضحًا في مواقف شخصية، بينها ما نُقل عن لقائها بالسفير المصري في لبنان خلال تقديم العزاء في رحيل ابنها زياد الرحباني، حين عبّرت بكلمات مقتضبة عن محبّتها لمصر، رغم وطأة اللحظة.
ومع استعداد دار الأوبرا لإحياء هذه الأمسية الاحتفالية، تستعيد القاهرة تاريخًا فنّيًا طويلًا جمعها بصوت فيروز، بما حمله من تسجيلات ومحطّات وحفلات بقيت جزءًا من ذاكرة المصريين ووجدانهم.