في ظل الطفرة المستمرة بسوق الرهن العقاري في إسرائيل، يكشف تحقيق حديث عن معطيات مثيرة للقلق: نحو 2,750 مستشارًا للرهن العقاري يعملون بدون ترخيص أو إشراف تنظيمي، مما يترك مئات الآلاف من المقترضين عرضة لمخاطر استشارات غير مهنية قد تؤدي إلى أضرار مالية جسيمة.
بحسب المعطيات، 62% من الحاصلين على قروض عقارية في إسرائيل يستعينون بمستشارين، بينما ترتفع هذه النسبة إلى 79% في المناطق ذات المستوى الاجتماعي–الاقتصادي المنخفض، ما يعكس الاعتماد الواسع على هذه الخدمة. ورغم أهمية القرار المالي المتعلق بالحصول على قرض عقاري، يظل المجال مفتوحًا دون أي قيود تنظيمية.
غياب تام للرقابة والتأهيل
لا يتطلب العمل كمستشار رهن عقاري أي مؤهل رسمي أو اجتياز اختبار مهني. وببساطة، يستطيع أي شخص أن يعلن نفسه مستشارًا، مما يفتح الباب أمام دخول عناصر غير مهنية، قد تقدم نصائح خاطئة أو تتورط في ممارسات مالية مشبوهة مثل تغيير المسارات التمويلية بهدف تحقيق مكاسب شخصية على حساب مصلحة العملاء.
ممارسات مشكوك فيها وتحفيزات خطيرة
ووفقًا لتحقيق نشرته صحيفة "كلכלيست"، بدأت بعض الشركات المالية خارج القطاع المصرفي تقديم حوافز لمستشاري الرهن العقاري، تتضمن رحلات خارجية وقسائم عطلات وعشاءات فاخرة. ورغم أن هذه العمليات تشكل نسبة صغيرة من إجمالي سوق الرهن العقاري، إلا أن خطورتها تتزايد عندما تشمل منتجات مالية معقدة مثل "الرهن العقاري العكسي" أو قروض الجسر.
ونظرًا لعدم وجود أي قانون يلزم المستشارين بالإفصاح عن حصولهم على عمولات إضافية من الجهات الممولة، يبقى العملاء في الظلام بشأن تضارب المصالح المحتمل.
جهود تطوعية دون قوة تنفيذية
أنشئت عام 2016 "اتحاد مستشاري الرهن العقاري"، وهو هيئة تطوعية تضم حوالي 1,600 مستشار (ما يقارب 60% من العاملين في المجال). ويضع الاتحاد ميثاقًا أخلاقيًا يمنع أعضاءه من قبول العمولات من المقرضين، لكنه يفتقر إلى أدوات الإشراف والتنفيذ الفعلي.
وفي أعقاب كشف ممارسات التحفيز، أصدر الاتحاد بيانًا داخليًا أكد فيه أن هذه الممارسات "تتنافى مع المبادئ الأساسية للاتحاد والمعايير المهنية"، ودعا إلى تسريع إقرار تشريعات تحظر تقديم مكافآت للمستشارين مقابل إحالة عملاء لمؤسسات تمويلية.
تخبط حكومي وتأجيلات متواصلة
على الرغم من اقتراحات قوانين لتنظيم المهنة، إلا أن مشروع التنظيم عالق منذ سنوات داخل وزارة العدل، التي ترفض تحمّل المسؤولية، بينما يتقاذف كل من وزارة المالية وبنك إسرائيل مسؤولية البتّ في هذا الملف، مما يجعل سوق الاستشارات العقارية ساحة مفتوحة بلا رقابة فعلية، رغم حجمه الضخم الذي تخطى 600 مليار شيكل.