تتزايد في الأسابيع الأخيرة تقديرات داخل المستويين السياسي والأمني في إسرائيل بشأن ما تصفه جهات رسمية بـ“حملة معادية للسامية ومعادية لإسرائيل”، تدور بوتيرة مكثّفة عبر شبكات التواصل الاجتماعي وفي عدد من الجامعات الغربية. وبحسب هذه التقديرات، فإن الحملة تبدو منسّقة على نطاق عالمي وبصورة “مصطنعة وغير تلقائية”، ما يثير قلقًا كبيرًا في القدس.
وتشير مصادر إسرائيلية إلى قناعة متنامية بأن حجم الظاهرة، وتوقيتها، وطريقة انتشارها، يفوق ما يمكن أن ينتجه نشاط فردي أو عفوي، مرجّحة أن يكون وراءها “جهات حكومية تمتلك قدرات مالية واستخبارية”، أو شركات تأثير خاصة تعمل لحساب دولة ما.
ورغم عدم امتلاك إسرائيل أدلّة قاطعة على ضلوع قطر، إلا أنّ الشبهة مطروحة بقوة في النقاشات الداخلية. وتستند هذه الشبهة، وفق المصادر، إلى حجم الاستثمارات القطرية في مؤسسات التعليم العالي في الغرب، وإلى تخوّف إسرائيلي من استخدامها كأداة نفوذ. وبحسب التقديرات، فقد نقلت إسرائيل رسالة واضحة للدوحة مفادها: “إذا كنتم تقفون خلف هذا الأمر – وسنعرف في النهاية إن كنتم كذلك – فعليكم إيقافه”.
وتقول جهات إسرائيلية إن جزءًا من هذه الحملة يشمل تشغيل “شخصيات مؤثرة” حول العالم، وليس مجرد حسابات وهمية، وإن الجهات المشتبه بها تشمل – إضافة إلى قطر – أطرافًا أخرى في العالم العربي، أو روسيا، أو حتى الصين. ومع ذلك، يشدد بعض المسؤولين على ضرورة عدم المبالغة في تقدير أثر هذه الحملة، لافتين إلى أن الانتقاد العالمي لإسرائيل يرتبط أساسًا بالدمار الواسع في غزة وسقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين، “وهو أمر يصعب تبريره حتى من دون وجود أي حملة خارجية”.
وفي هذا السياق، نقل عن مسؤول إسرائيلي رفيع قوله إن لدى إسرائيل انطباعًا بأن قطر اتخذت “قرارًا استراتيجيًا بمحاولة تدمير العلاقة بين إسرائيل وإدارة ترامب من جذورها”، مضيفًا: “هم في حالة جهاد سياسي ضدنا”.
وجاء هذا التصريح على خلفية مقابلة أجراها رئيس الوزراء القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مع الإعلامي الأميركي المحافظ تاكر كارلسون، قال فيها إن بلاده لن تموّل إعادة إعمار غزة لأنها “لن تعيد بناء ما دمرته إسرائيل”. وفي وقت سابق، صرّح آل ثاني بأن “وقف إطلاق النار لن يتحقق فعليًا إلا بانسحاب كامل لقوات الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة”، وهي تصريحات اعتبرتها مصادر إسرائيلية بمثابة منح شرعية لاستئناف هجمات حماس على القوات الإسرائيلية داخل القطاع.
لاحقًا، حاول متحدث باسم الحكومة القطرية التخفيف من وطأة تصريحات رئيس الوزراء بشأن الإعمار، موضحًا أن قطر “لن تموّل إعادة الإعمار وحدها”، لكنها مستعدة للمساهمة مع دول أخرى. ووُصفت هذه التوضيحات بأنها “تغيير بمقدار 180 درجة”، ما أثار تلميحات داخل إسرائيل إلى احتمال قيام واشنطن بالتدخّل.


