خارج الضوء | من حقول طمرة إلى براءات الاختراع في فيلادلفيا: رحلة البروفيسور عبد الرؤوف حجازي

من طفل يراقب الأرض والسماء إلى براءات الاختراع، البروفيسور عبد الرؤوف حجازي يستعيد مسيرته وسيرته في خارج الضوء مع وديع عواودة 

1 عرض المعرض
من حقول طمرة إلى براءات الاختراع في فيلادلفيا: رحلة البروفيسور عبد الرؤوف حجازي
من حقول طمرة إلى براءات الاختراع في فيلادلفيا: رحلة البروفيسور عبد الرؤوف حجازي
من حقول طمرة إلى براءات الاختراع في فيلادلفيا: رحلة البروفيسور عبد الرؤوف حجازي
(راديو الناس)
في يوم إذاعي هادئ، من على أثير راديو الناس، أطلّ البروفيسور عبد الرؤوف حجازي ضيفًا على برنامج خارج الضوء الذي يقدمه الإعلامي وديع عواد عبر راديو الناس. كان اللقاء فرصة نادرة ليستعيد فيها ابن مدينة طمرة مسيرته الشخصية والمهنية، الممتدة من بيئة ريفية بسيطة في الجليل إلى قاعات البحث العلمي في برشلونة وفيلادلفيا والقدس.
من الحقول في طمرة إلى براءات الاختراع في فيلادلفيا: رحلة البروفيسور عبد الرؤوف حجازي
خارج الضوء مع وديع عواودة
54:52
البدايات: طفل يراقب الأرض والسماء
وُلد حجازي البروفيسور عبد الرؤوف حجازي عام 1959 في بيت فلاحي متواضع. يتذكر طفولته في طمرة قائلًا: "كنا نعيش من زراعة الأرض، البطيخ والشمام والخضار. كنت أرافق والدي وجدي إلى السهول، ثم نحمّل المحاصيل على عربة يجرها الحصان لنبيعها في أسواق الكريوت. كنت أفتخر أنني أصغر فلاح في العالم".
لم تكن طفولته مقتصرة على الحقول فقط؛ فقد جذبته الإلكترونيات منذ سن مبكرة، وكان يحلم بتفكيك الأجهزة وتركيبها، لكن مسار حياته تغيّر مع رغبة عائلته في أن يدرس الطب، "لأنّ فيه أمانًا ومستقبلًا مضمونًا".

إسبانيا: بداية الحلم الأكاديمي

عام 1977، شدّ الشاب العشريني الرحال إلى برشلونة. لم يكن الانتقال سهلًا، لكنه وجد نفسه وسط ثقافة جديدة، ولغة مختلفة، وأجواء سياسية ما بعد عهد فرانكو. هناك، بدأ دراسته في كلية الطب وتخرّج عام 1984. يقول عن تلك المرحلة: "كنت غريبًا في بلد جديد، لكني سرعان ما اندمجت. تعلمت الإسبانية، وتعلمت أيضًا أن الاجتهاد والصدق في العمل هما مفتاح النجاح في أي مكان".

التخصص العميق في القدس إلى الانطلاقة العالمية

بعد عودته، التحق بمستشفى هداسا في القدس، حيث تخصص في الكيمياء الطبية السريرية والفحوصات المخبرية. وهناك وجد ضالته: البحث العلمي. "كنت أشعر أنني لا أريد الاكتفاء بالممارسة الطبية، بل أريد أن أطرح أسئلة جديدة وأجد حلولًا مبتكرة".
في تسعينيات القرن الماضي، تابع أبحاثه في جامعة بنسلفانيا بمدينة فيلادلفيا الأميركية. في هذه المرحلة، بدأ يطور تقنيات طبية رائدة، وحصل على أكثر من 30 براءة اختراع، أبرزها مادة طبية قادرة على وقف النزيف بسرعة، وهي اليوم قيد الاستخدام في عدة دول.

التدريس والبحث العلمي

إلى جانب أبحاثه، يشغل حجازي منصب أستاذ في كلية الطب بالجامعة العبرية، ويشرف على طلبة ماجستير ودكتوراه. نشر مقالات علمية في مجلات محكمة، وأصدر كتبًا، آخرها يناقش النظريات العلمية وكيفية التحقق من صحتها. يقول: "أحاول أن أنقل لطلابي شغفي، وأن أعلّمهم أن العلم ليس مجرد مهنة، بل رسالة".

حياة شخصية متوازنة

يقيم اليوم في بلدة واحة السلام قرب القدس، مع زوجته الدكتورة نها حجازي، مديرة البحث العلمي في إحدى الشركات التكنولوجية. لهما ثلاثة أبناء، أصغرهم يدرس الطب. وعن حياته اليومية يقول: "أوازن بين البحث والعائلة. أستمتع بالموسيقى الكلاسيكية وأغاني أم كلثوم، أحب الشطرنج ورفع الأثقال. العلم يحتاج إلى ذهن صافٍ وجسد سليم".
يحمل البروفيسور حجازي قصة شخصية ملهمة لأبناء جيله وللشباب الفلسطيني عامة. فقد شق طريقه من بيئة ريفية بسيطة إلى قمة البحث العلمي، دون أن ينسى جذوره. يختصر رسالته في جملة واحدة: "يمكنك أن تصل إلى أبعد نقطة في العالم، شرط أن تؤمن بنفسك وألّا تتخلى عن اجتهادك".