في مدينة مرسيليا الفرنسية، المعروفة بتنوّعها الثقافي، ظهرت موجة جديدة من المطاعم التي تمزج بين المطبخ الفاخر والتضامن الاجتماعي، حيث يمكن لزبائنها تناول وجبات معدّة على يد طهاة حاصلين على نجوم ميشلان مقابل يورو واحد فقط.
مطاعم فاخرة بروح اجتماعية
مطعم Le République في وسط المدينة يُعدّ أحد أبرز هذه المبادرات. يقدم وجبات ثلاثية الأطباق تتنوّع بين السمك المدخن والجبن المخبوز بالتبن، فيما يدفع نحو 40% من الزبائن يورو واحد فقط، بينما يعمل في المطبخ موظفون من خلفيات اجتماعية مختلفة، بينهم سجناء سابقون وأمهات عاطلات عن العمل.
مطاعم أخرى في مرسيليا، مثل L’Après M وChaleur، تعمل أيضًا كـ"مطاعم تضامنية"، توظّف طهاة من جنسيات مختلفة وتتيح للزبائن ذوي الدخل المحدود دفع تعرفة رمزية. مطعم Chaleur مثلاً يقدّم وجبة فاخرة بسعر 25 يورو، أو 8 يورو فقط لمن يشرح وضعه المالي.
تضامن وثقافة عريقة
يرى مؤسسو هذه المشاريع أن مرسيليا، بتاريخها الممتد على 2600 عام من الهجرات والتنوّع الثقافي، تمثّل نموذجًا فريدًا في "العيش المشترك". ويشير الشيف رافاييل رينار، أحد مؤسسي Chaleur، إلى أن الهدف ليس الربح بل "خلق روابط إنسانية ومساعدة الآخرين"، فيما تؤكد شريكته نوسيكا رو أن "المدينة مفتوحة بطبيعتها، وهذا ما يجعل مبادرات التضامن تنجح فيها".
مطاعم تُعيد الإدماج الاجتماعي
في حيّ "لابوسيل"، حيث تنخفض معدلات الدخل، افتُتح مطعم Le Réfectoire الذي يجمع بين مطبخ عضوي، وحضانة للأطفال، ومكتبة، ومساحة تعليمية للأمهات والباحثين عن عمل. ويوم الأربعاء، يتناوب طهاة من أصول مغربية وكونغولية على المطبخ لتقديم أطباقهم وتقاسم الأرباح.
أما داخل سجن "بوميت" الشهير في مرسيليا، فقد أُقيم مطعم فاخر باسم Les Beaux Mets بإشراف الطاهي جيرالد باسيدا، يُدرّب السجناء على الطهي بهدف مساعدتهم في العثور على عمل بعد الإفراج عنهم، ونجح المشروع في تأمين وظائف أو تدريبات لـ75% من المشاركين.
فلسفة إنسانية وراء اليورو الواحد
يشرح سيلفان مارتين، مؤسس Le République، أن المطعم يتعاون مع مئة جمعية خيرية تتيح للزبائن الحصول على وجبة فاخرة مقابل يورو واحد مع الحفاظ على كرامتهم. ويضيف: "إذا أراد أحدهم استغلال النظام لأخذ وجبة مخفّضة دون حاجة، فليكن، فمشكلته ستكون مع نفسه أمام المرآة".
First published: 08:44, 08.11.25


