وقّعت كلّ من جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا، يوم الجمعة في واشنطن، اتفاق سلام جديد بوساطة أميركية، بهدف إنهاء صراع طويل الأمد أودى بحياة آلاف الأشخاص وشرّد مئات الآلاف خلال العام الحالي وحده.
انسحاب القوات وتكامل اقتصادي خلال 90 يومًا
الاتفاق، الذي جرى توقيعه بحضور وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، ينصّ على بدء انسحاب القوات الرواندية من شرقي الكونغو خلال 90 يومًا، بالتوازي مع إطلاق إطار إقليمي للتكامل الاقتصادي. كما يقضي الاتفاق بإنشاء آلية تنسيق أمني مشترك خلال شهر، ومتابعة خطة مراقبة انسحاب القوات التي جرى التفاهم عليها العام الماضي.
وزير الخارجية الرواندي وصف الاتفاق بنقطة تحول، فيما شددت نظيرته الكونغولية على ضرورة أن يتبع الاتفاق تنفيذ فعلي على الأرض. وكانت رواندا قد نشرت آلاف الجنود دعماً لحركة M23 التي سيطرت مطلع العام على مناطق رئيسية شرقي الكونغو، ما أثار مخاوف من اندلاع حرب أوسع.
شراكة مع الولايات المتحدة في سلاسل التوريد المعدنية
الاتفاق يمهّد لتعاون اقتصادي أوسع يشمل إقامة سلاسل توريد للمعادن الحيوية بين البلدين، بشراكة محتملة مع الولايات المتحدة ومستثمرين أميركيين. كما يشير النص الأولي للاتفاق إلى دعم كامل لمحادثات موازية تُعقد في الدوحة، تشمل ممثلين عن الحكومة الكونغولية وحركة M23.
ويتضمن الاتفاق التزامًا بإزالة المخاطر من قطاع المعادن وإنشاء سلاسل إنتاج مشتركة بهدف جذب استثمارات غربية بمليارات الدولارات إلى منطقة غنية بالذهب والكوبالت والنحاس والليثيوم، من بين معادن استراتيجية أخرى.
جذور النزاع بين رواندا والكونغو: صراع طويل على الأمن والنفوذ
النزاع بين رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية يعود إلى جذور معقدة تمتد لعقود، أبرزها تداعيات الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994، حين فرّ آلاف من المقاتلين الهوتو إلى شرقي الكونغو، ما أدى إلى توترات أمنية مزمنة. خلال السنوات الماضية، اتهمت جمهورية الكونغو رواندا بدعم حركة "M23" المتمردة، التي استولت على مناطق واسعة شرقي الكونغو الغنية بالمعادن، فيما تنفي رواندا ذلك وتؤكد أنها تدافع عن أمنها القومي. وقد تسبّب هذا النزاع بسقوط آلاف القتلى ونزوح مئات الآلاف من المدنيين، وسط اتهامات متبادلة وتورّط قوى إقليمية.