القرار، الذي تمّ نشرُه في الجريدة الرسمية يوم 19 أبريل 2025، هو جزءٌ من حملة وطنيّة واسعة تقودها الحكومة التركية للتشجيع على الولادة الطبيعية، أعلنها الرئيس رجب طيب أردوغان مطلع هذا العام بعنوان "عام الأسرة". يأتي ذلك ردًّا على تراجع معدّلات الخصوبة في تركيا إلى مستوى غير مسبوق – 1.51 طفلًا لكل امرأة في 2023 – ما يراه أردوغان على انّه "تهديدٌ أخطر من الحرب".
إضافةً إلى ذلك، فإنّ نسبة الولادات القيصريّة في تركيا وصلت إلى 61%، وهي من أعلى النسب عالميًا، وتتجاوز بثلاثة أضعاف الحدّ الموصى به من قبل منظّمة الصحة العالمية. في ظلّ هذه الأرقام المقلقة، جاء القرار ليُلزم المراكز والعيادات الطبية الخاصّة التي ترغب في إجراء عمليات ولادة، طبيعية أو قيصرية، بإنشاء وحدات ولادة مرخّصة تتضمّن غرف عمليات، لتستوفي معايير فيزيائية محدّدة قبل نهاية العام الجاري.
أثار القرار عاصفة نقاشات سياسيّة واجتماعية، بلغت ذروتها عندما رفع لاعبو فريق "سيفاسبور" لافتة خلال مباراة في الدوري التركي كُتب عليها: "الولادة الطبيعية... طبيعية"، في دعمٍ واضح لحملة وزارة الصحة. نساء برلمانيات ومنظمات حقوقية ونسويّة رأت في الخطوة تدخلًا وقحًا في حرّية النساء على أجسادهن وترويجًا رسميًا لخطابٍ أبويّ. غوكجه غوكجن، نائبة رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض، كتبت عبر منصّة X: "وكأن البلاد لا تعاني من أي مشاكل أخرى، حتى يأتي لاعبو كرة القدم الذكور ليخبروا النساء كيف يجب أن يلدن".
وبينما يرى مؤيّدو القرار أنه يأتي لضبط الفوضى في معدّلات القيصرية، يُحذّر أطباء وخبراء في الصحة الإنجابية من مخاطره، خاصّةً على النساء في المناطق التي لا تتوفّر فيها مستشفيات خاصة، حيث تُشكّل المراكز الطبية الخيار الوحيد للولادة.
في النهاية، يبدو أنّ الولادة لم تعد شأنًا شخصيًا وحسب، بل انعكاسًا لتوجّهات سياسية ومجتمعية أوسع. فبين محاولة ضبط نظام الصحة العامة، والسعي لرفع معدّلات الإنجاب، يبقى السؤال: هل تُتّخذ هذه القرارات بما يخدم النساء، أم تُتخذ بالنيابة عنهن؟