يمثّل الأطفال الحلقة المركزية في سلسلة العدوى، ورغم ذلك تبقى معدلات التطعيم بينهم منخفضة جداً في البلاد. وفي موسم الإنفلونزا الأخير برزت هذه الظاهرة أكثر من أي وقت مضى: أُصيب الأطفال، ونقلوا العدوى إلى أفراد الأسرة، واتّسع الفارق مقارنة بدول أخرى. لماذا يحدث ذلك؟ وما معنى هذا الأمر بالنسبة للأهل وللأجداد؟ جرعة واحدة من اللقاح يمكن أن تغيّر المشهد بأكمله.
كان الشتاء في البلاد دائماً موسماً مليئاً بالتحديات الصحية. فإلى جانب البرد والمطر، ترتفع معدلات الأمراض، وتواجه العائلات السيناريو ذاته كل عام: طفل يعود من الروضة أو المدرسة مصاباً بالرشح أو الحمى، وبعد أيام قليلة يمرض باقي أفراد الأسرة بالسعال والزكام وأحياناً بمضاعفات أكثر خطورة. موسم الإنفلونزا الأخير (2024-2025) أظهر بوضوح أن هذه ليست "أمراض شتاء عادية"، بل ظاهرة واسعة تؤثر على الصحة العامة.
تقرير واسع للمركز الوطني لمراقبة الأمراض في وزارة الصحة أشار إلى أنّ هذا الموسم كان من أصعب المواسم خلال العقد الأخير. فقد ارتفعت معدلات الإصابة إلى مستويات غير مسبوقة منذ 13 موسماً، وازدادت الضغوط على العيادات والمستشفيات. والخلاصة واضحة: لا يمكن تجاهل الإنفلونزا، وخاصة تأثير الأطفال واليافعين في انتشارها.
موسم استثنائي بشدّته
سُجّلت زيادة حادة في الأمراض الشبيهة بالإنفلونزا منذ نهاية أكتوبر، وبلغت ذروتها منتصف يناير. في الذروة، جاءت أكثر من نصف الفحوصات في المجتمع إيجابية للإنفلونزا — وهو معطى استثنائي مقارنة بمواسم سابقة. المشهد نفسه تكرّر في المستشفيات، حيث سُجّلت حالات دخول أكثر بسبب الإنفلونزا مقارنة بفيروسات أخرى مثل RSV أو كورونا.
النتائج كانت واضحة في الميدان: غابت أعداد كبيرة من الأطفال عن الروضات والمدارس، واضطر الأهل للتغيّب عن العمل لرعاية أطفالهم. إلى جانب ذلك، أُدخل أطفال أصحاء تماماً إلى المستشفيات بسبب مضاعفات الإنفلونزا، ما أكّد أنّ المرض قد يضرب حتى من لا يعانون من أمراض مزمنة.
الأطفال — مصدر العدوى الرئيسي داخل البيت
الأطفال ليسوا فقط الفئة التي ترتفع فيها الإصابات، بل هم أيضاً محرّك العدوى الأساسي. تُظهر الدراسات أنّ احتمال إصابة الأطفال بالعدوى خارج المنزل أعلى بخمسة أضعاف مقارنة بالبالغين، وأنهم مسؤولون عن معظم حالات العدوى داخل الأسرة.
في البيوت متعددة الأجيال يصبح الوضع مقلقاً أكثر، إذ تشير الأبحاث إلى أنّ خطر إصابة الأجداد يتضاعف أو يتضاعف ثلاث مرات إذا كان الأطفال غير مطعّمين.
معدلات تطعيم متدنية للغاية بين الأطفال واليافعين
رغم الأرقام المقلقة، بقيت معدلات التطعيم منخفضة في إسرائيل. ففي موسم 2024-2025 تلقّى التطعيم فقط نحو 17% من السكان. لدى من هم فوق 65 عاماً تجاوزت النسبة 50%، لكن بين الأطفال كانت الأرقام شبه معدومة.
• بين الأطفال دون سن الخامسة: نحو 12% فقط
• بين سن 5 – 12 عاماً: نحو 14%
• بين اليافعين 13 – 18 عاماً: 6% فقط
أين تقف إسرائيل مقارنة بالعالم؟
الفجوة صارخة:
في الولايات المتحدة وبريطانيا معدلات التطعيم بين الأطفال أعلى بـ 2.5 إلى 5 مرات بين الفئة دون الخامسة، و3.5 إلى 5 مرات بين طلاب المدارس، و7 إلى 10 مرات بين اليافعين مقارنة بإسرائيل.
إضافة إلى ذلك، تُدار في تلك الدول حملات توعية واسعة، وتُقدَّم بدائل مناسبة للأطفال مثل اللقاح الرذاذي عبر الأنف — ما يرفع نسب الإقبال.
ليس حماية شخصية فقط — بل مسؤولية عائلية
تطعيم الأطفال يمنحهم حماية مباشرة من المرض، ويقلّل أيضاً من انتقال الفيروس إلى بقية أفراد الأسرة، وخاصة كبار السن أو مرضى الحالات المزمنة. وهكذا تتوسّع دائرة الحماية من الطفل إلى البيت كله، وتخفّ الضغوط على النظام الصحي.
أنواع اللقاحات
في إسرائيل يُقدَّم اللقاح بطريقتين:
• رذاذ أنفي
• حقنة
كلاهما آمن وفعّال للأطفال، ويتمّ اختيار النوع المناسب وفق العمر والحالة الصحية وتوصيات الطواقم الطبية.
الرذاذ الأنفي يُعدّ خياراً مريحاً لمن يخشون الإبر، وقد أثبت نجاحه في رفع معدلات التطعيم في دول أخرى.
رسالة إلى الأهل مع اقتراب الشتاء
موسم الإنفلونزا الأخير كشف أنّ الأطفال واليافعين في مركز الصورة: يصابون بالمرض وينقلونه لغيرهم. ومع معدلات تطعيم منخفضة للغاية مقارنة بالدول المتقدمة، هناك حاجة واضحة لتغيير المشهد.
الرسالة بسيطة: تطعيم الأطفال يحميهم ويُعدّ وسيلة فعّالة لحماية الأسر والمجتمع، ويقلّل من المضاعفات والضغط على المستشفيات.
يمكن الحصول على اللقاح — سواء رذاذاً أنفياً أو حقنة — في جميع صناديق المرضى بحسب التوجيهات الطبية.


