خبير اقتصادي: خطاب نتنياهو حول "اقتصاد العزلة" يفتقر إلى الواقعية ونحن أمام أزمة

البروفيسور سامي ميعاري: خطاب نتنياهو حول "اقتصاد العزلة" يفتقر إلى الواقعية والمعطيات الرسمية تكشف أزمة غير مسبوقة 

محمد مجادلة, سناء حمود|
1 عرض المعرض
نتنياهو في المؤتمر صحفي
نتنياهو في المؤتمر صحفي
نتنياهو في المؤتمر صحفي
(تصوير شاشة)
حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال مؤتمر صحافي عُقد أمس، التخفيف من وقع تصريحاته السابقة التي أثارت جدلاً واسعًا حول ما بات يُعرف بـ"خطاب العزلة" أو "خطاب اسبارطة"، في إشارة إلى توصيف إسرائيل كدولة محاصرة ومعزولة اقتصاديًا بفعل الحرب المستمرة. لكن خبراء اقتصاديين أكدوا أنّ محاولاته لم تُقنع الأوساط الاقتصادية في الداخل والخارج، في ظل المؤشرات الرسمية التي تكشف عن أزمة عميقة.
ميعاري: خطاب نتنياهو حول "اقتصاد العزلة" يفتقر إلى الواقعية
هذا النهار مع سناء حمود ومحمد مجادلة
06:57
وفي حديث خاص لراديو الناس، قال البروفيسور سامي ميعاري، الباحث في الشؤون الاقتصادية والمحاضر في جامعة تل أبيب: "خطاب نتنياهو الأول كان بمثابة إعلان واضح بأن الحرب جعلت من إسرائيل دولة محاصرة، شبيهة بمدينة اسبارطة التاريخية. وعلى المستوى الاقتصادي، حديثه عن صلابة الاقتصاد بدا بعيدًا كل البعد عن الواقع"، على حد تعبيره.

المعطيات تعكس صورة مقلقة

وأشار ميعاري إلى أنّ المعطيات التي نشرها مكتب الإحصاء المركزي، بعد ساعات من خطاب نتنياهو، تعكس صورة مقلقة: "الناتج المحلي الإجمالي تراجع بنسبة 4% في الربع الثاني من عام 2025 مقارنة بالربع الأول، وهذا يضع إسرائيل في المرتبة الأسوأ بين دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. الأخطر من ذلك أنّ الناتج الفردي انخفض بنسبة 5%، أي أننا عدنا فعليًا إلى مستوى معيشة عام 2021، أي تراجع أربع سنوات إلى الوراء".
وبحسب الخبير الاقتصادي، جاءت الأرقام أكثر قتامة عند النظر في تفاصيل القطاعات: الناتج الخاص انخفض بنسبة 7%، الاستهلاك الخاص تراجع 4.4%، الاستثمار في البنية التحتية هبط 13%، فيما انخفضت الصادرات بنسبة 7%، مقابل ارتفاع الواردات 4%. وأضاف: "هذه مؤشرات تعكس حالة انكماش حقيقية ستؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين ومستوى معيشتهم".

مؤشر البورصة يضلل الواقع

وحول استناد نتنياهو إلى أداء البورصة للتدليل على "قوة الاقتصاد"، شدّد ميعاري على أنّ هذا المعيار مضلل، موضحا في هذا السياق: "ارتفاع أسعار الأسهم في بورصة تل أبيب مرتبط بالأساس بقطاع الصناعات الأمنية والعسكرية، الذي يشهد ازدهارًا في أوقات الحرب. لكن هذا لا يعكس صورة الاقتصاد ككل، بل يُخفي خسائر قطاعات مدنية أخرى"، مؤكّدًا أنّ الركائز الأساسية للاقتصاد يجب أن تُقاس بالصادرات، وبالناتج العام للفرد، وبمستويات الدين والعجز.
وفي هذا السياق، أوضح أنّ الدين العام السيادي لإسرائيل ارتفع إلى 75%، متجاوزًا السقف المسموح به (60%) بفارق 15%، فيما بلغ العجز المالي 5%، وهو أعلى من النسبة التي حددها بنك إسرائيل (3.5%). وقال: "نحن أمام وضع يهدّد الاستقرار الاقتصادي ويزيد من مخاطر التضخم، وهذه الحقائق لا يمكن تجاوزها عبر خطاب سياسي أو شعارات شعبوية".
أما بشأن حديث نتنياهو عن إمكانية بناء اقتصاد قائم على "الاكتفاء الذاتي"، فقد اعتبر ميعاري هذا الطرح "غير منطقي" في عالم اليوم، مضيفا: "الاقتصاد المغلق لم يعد موجودًا منذ الحرب العالمية الثانية. حتى كوريا الشمالية ليست معزولة بالكامل، فهي تتاجر مع الصين. في عصر العولمة والتكنولوجيا، لا يمكن لدولة أن تزدهر بمعزل عن السوق الدولية، والحديث عن اقتصاد منغلق يشبه العودة 200 عام إلى الوراء"، على حد وصفه.
وختم البروفيسور ميعاري حديثه بالقول: "محاولات نتنياهو تبرير الوضع عبر خطاباته لن تغيّر من الواقع شيئًا. الأزمة الاقتصادية عميقة، وإذا استمر الوضع الأمني والحرب، فإن الأشهر المقبلة ستشهد مزيدًا من التدهور، سواء على صعيد الاستثمارات أو على مستوى معيشة المواطنين".