في مقابلة خاصة مع "راديو الناس"، وصف د. سليم بريك، أستاذ العلوم السياسية في جامعة حيفا، التطورات الجارية في المنطقة بأنها "يوم تاريخي بكل ما تحمله الكلمة من معنى"، مشيرًا إلى أن ما يحدث يمثل نهاية مرحلة أولى من الحرب وبداية مسار سياسي جديد، لا يخلو من التعقيدات والمخاطر.
وقال بريك في مستهل حديثه: "باعتقادي، اليوم يُعدّ نهاية فصل كامل من الحرب، حيث نشهد عودة الأسرى والمخطوفين، وكذلك تحرير المعتقلين الفلسطينيين"، معتبرًا أن المرحلة الأولى ستُختتم كما خُطط لها، في ظل اهتمام ومتابعة أمريكية حثيثة.
د. سليم بريك لـ"راديو الناس": نتنياهو فتح أجواء الانتخابات بإنهاء فصل تاريخي من الحرب
هذا النهار مع شيرين يونس وفراس خطيب
08:13
وأكد بريك أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تلعب دورًا حاسمًا في هذه المرحلة، حيث أشار إلى أن "ترامب قام بكل التحذيرات اللازمة، والأمريكيون يرصدون كل ما يتحرك في الشرق الأوسط لإنجاح المرحلة الأولى على الأقل".
وحول الخطاب المنتظر للرئيس الأمريكي، اعتبره بريك محطة مفصلية، لكنه حذر من استغلاله سياسيًا داخل إسرائيل، مضيفًا: "قد يستخدمه نتنياهو لأغراض انتخابية، ولكن زيارة رئيس الولايات المتحدة وخطابه في الكنيست يحملان أبعادًا سياسية كبرى".
"مهرجان سياسي" أكثر منه لحظة تاريخية
استعاد بريك مشاهد من الماضي، مقارنًا الأجواء الحالية بتلك التي رافقت اتفاقيات أوسلو ولقاءات شرم الشيخ، قائلاً: "نحن أمام احتفال سياسي يشارك فيه السياسيون من أجل مصالحهم الشخصية، أكثر من كونهم يسعون لخدمة الشعوب"، مشيرًا إلى أن هذه الاحتفالات "جزء من اللعبة السياسية" التي تهدف إلى فرض التزام الأطراف في المراحل اللاحقة من الاتفاق.
وأضاف: "هناك من يسعى لجني الأرباح السياسية والاقتصادية من هذه الحرب، سواء في مصر أو في الولايات المتحدة أو حتى داخل إسرائيل".
خلاف أمريكي-إسرائيلي بشأن نهاية الحرب
وفيما يخص التصريحات المتناقضة بين الرئيس ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قال بريك إن هناك "تباينًا كبيرًا في الرؤية بين الولايات المتحدة وإسرائيل".
وأوضح أن "الأمريكيين يريدون إنهاء الحرب، بينما إسرائيل ترى أن المعركة لم تنتهِ بعد"، لافتًا إلى أن لدى ترامب دوافع شخصية أيضًا، مثل التطلع للحصول على جائزة نوبل للسلام في عام 2026. وأردف: "إعادة إعمار غزة يتطلب ضمانات حقيقية بعدم عودة الحرب، فلا أحد مستعد لتوظيف مئات المليارات في منطقة قد تُدمر مجددًا".
مرحلة معقدة قادمة.. واتفاق هش
ورأى بريك أن المرحلة الثانية من الاتفاق ستكون معقدة، وتحوي الكثير من الثغرات التي قد تستخدمها إسرائيل للتهرب من التزاماتها، مشيرًا إلى أن "إسرائيل قادرة في أي لحظة على القول إن حماس لم تسلّم سلاحها أو لم تهدم كل الأنفاق"، مضيفًا: "من الذي يمكنه إثبات أن جميع الأنفاق قد دُمّرت؟ وحتى الآن، من يضبط الأمن في غزة هي قوات حماس".
كما أشار إلى وجود فجوات قانونية وفنية تتعلق بوجود "السلاح الدفاعي والهجومي"، مما يسمح لإسرائيل بمواصلة عملياتها العسكرية، تحت مبررات أمنية، دون إعلان خرق واضح للاتفاق.
ضعف عربي وتردد أمريكي
وحذّر بريك من نقطتين وصفهما بـ"المقلقتين"، الأولى "الضعف العربي الواضح أمام الإرادة الأمريكية"، والثانية أن "إسرائيل لا تلتزم بالضرورة بتوجيهات الولايات المتحدة، بل أحيانًا تقوم بأعمال تعارضها واشنطن". وقال: "قد يتطلب الأمر من ترامب أن يكون حازمًا مع نتنياهو، لكن السؤال هو: هل يريد ترامب ذلك فعلًا؟"
إسرائيل تدخل مرحلة سياسية جديدة
وحول مستقبل المشهد السياسي في إسرائيل، قال بريك إن "نتنياهو بدأ حملته الانتخابية فعليًا"، مؤكدًا أن إعادة المختطفين ستُسوَّق داخليًا كإنجاز شخصي له، رغم أنه "كان آخر من ساهم في إعادتهم". وأضاف: "خطاب ترامب سيكون أداة يستخدمها نتنياهو لتعزيز صورته كزعيم عالمي، مدّعيًا أنه غيّر خريطة الشرق الأوسط".
وأشار إلى أن السؤال الأبرز الآن في الداخل الإسرائيلي هو: "هل ستكون هناك لجنة تحقيق رسمية؟"، مؤكدًا أن رئيس الدولة نفسه طالب بذلك، وهو ما يشكل تهديدًا مباشرًا لنتنياهو ودائرته المقربة.
وصف بريك الحكومة الحالية بأنها "الأسوأ منذ تأسيس إسرائيل"، موضحًا أنها "لا تستطيع اتخاذ قرارات حقيقية رغم امتلاكها الأغلبية في الكنيست". وأشار إلى أن الحريديم يعارضون تقريبًا جميع مقترحات الحكومة، مما يعمق من أزمتها. وأكد أن "الأجواء الآن أجواء انتخابات"، حيث يتصرف الجميع على هذا الأساس، متوقعًا أن تُجرى الانتخابات قبل أكتوبر 2026.
تحذير من تسييس الانتخابات
وفي ختام حديثه لراديو الناس، أعرب بريك عن تشككه في نزاهة الانتخابات المقبلة، قائلاً: "أعتقد أن نتنياهو يراهن على تسييس الانتخابات، وربما التلاعب بها عبر القوانين، أو عبر ترهيب اليسار الإسرائيلي باستخدام شرطة بن غفير أو أدوات أخرى".
وحذّر من سيناريو مشابه لما حدث في الولايات المتحدة عام 2021، قائلاً: "إذا لم ينجح نتنياهو في الانتخابات، فلن يعترف بالنتائج، وسيفعل تمامًا كما فعل ترامب بعد خسارته".

