صادقت الحكومة الإسرائيلية، خلال جلستها أمس، على اقتطاع نحو 220 مليون شيكل من ميزانية الخطة الخمسية المخصّصة لتطوير المجتمع العربي، على أن يتم تحويل معظم هذا المبلغ إلى جهاز الأمن العام (الشاباك)، بذريعة تعزيز الجهود لمكافحة الجريمة. وقد أثار القرار موجة واسعة من الانتقادات في أوساط القيادات العربية والبرلمانية، التي حذّرت من تداعياته الخطيرة على مساعي معالجة التحديات البنيوية والاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها المجتمع العربي.
مازن غنايم: ماي غولان تتحدى المجتمع العربي
هذا النهار مع شيرين يونس
06:48
غنايم: قرار متناقض وعدالة اجتماعية غائبة
وفي حديث لراديو الناس، قال رئيس بلدية سخنين ورئيس اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية، مازن غنايم، إن القرار يعكس "تناقضًا صارخًا" في سياسات الحكومة. وأوضح أن الحكومة تعلن من جهة نيتها إعداد خطة اقتصادية خمسية جديدة (رقم 3) لمعالجة الإقصاء المزمن بحق المجتمع العربي، بينما تقوم في الوقت نفسه باقتطاع ميزانيات من الخطة الحالية (5.5)، ما يقوّض أي جدية في هذا التوجه.
وأضاف غنايم أن وزيرة المساواة الاجتماعية، ماي غولان، تتعامل مع الملف وكأنه تحدٍّ سياسي، معتبرًا أن العدالة الاجتماعية لا يمكن أن تتحقق في ظل استمرار الفقر والبطالة وحرمان مجتمع يشكّل نحو 21% من سكان الدولة من حقوقه الأساسية. وأشار إلى أن الميزانيات المقتطعة كانت مخصّصة لتطوير التعليم، والبنى التحتية، وبرامج الشباب، ومكافحة العنف من جذوره، وليس عبر حلول أمنية فقط.
وأكد غنايم أن رؤساء السلطات المحلية العربية، إلى جانب عدد محدود من رؤساء السلطات اليهودية، حاولوا الضغط خلال مناقشات الموازنة لمنع الاقتطاع، محذرًا من أن تفشي الجريمة والعنف لن يبقى محصورًا في المجتمع العربي، بل سينتقل إلى المدن المختلطة وسائر المناطق. وشدّد على أن المعركة المقبلة ستكون قضائية وسياسية، رافضًا السماح بتمرير الاقتطاع دون مواجهة.
الطيبي: القرار لم يُحسم نهائيًا والمعركة في لجنة المالية
هذا النهار مع شيرين يونس
09:43
الطيبي: القرار لم يُحسم نهائيًا والمعركة في لجنة المالية
من جهته، قال النائب د. أحمد الطيبي، رئيس كتلة الجبهة والعربية للتغيير وعضو لجنة المالية في الكنيست، إن قرار الاقتطاع الحكومي لا يصبح نهائيًا إلا بعد مروره في لجنة المالية البرلمانية، حيث يمكن إقراره أو رفضه. وأوضح أن محاولات سابقة لتحويل مبالغ أكبر – وصلت إلى نحو 2.7 مليار شيكل – من ميزانيات الخطة الخمسية إلى وزارات وأجهزة أمنية لم تنجح، لكن الحكومة عادت لتقرّ تحويلات جزئية بمئات ملايين الشواقل.
وبيّن الطيبي أن الاقتطاعات تمس وزارات حيوية، بينها التربية والتعليم، والداخلية، والثقافة والرياضة، والنقب والجليل، إضافة إلى وزارة المساواة الاجتماعية والأمن الداخلي في ميزانيات عامي 2025 و2026، واصفًا ما يجري بأنه «سطو في وضح النهار» على موارد مخصّصة لتطوير المجتمع العربي.
شكوك بدور الشاباك ومخاوف من توسيع تدخله
وأعرب الطيبي عن تشكيكه في الادعاء القائل إن تحويل الأموال للشاباك سيسهم في مكافحة الجريمة، مشيرًا إلى أن ميزانيات وزارة الأمن القومي وجهاز الشاباك شهدت زيادات كبيرة في السنوات الأخيرة، وأن الأجهزة الأمنية "ليست بحاجة إلى هذه الأموال" لتحقيق مهامها. كما حذّر من توسيع تدخل الشاباك في شؤون المجتمع العربي، معتبرًا أن تجارب سابقة لم تُفضِ إلى نتائج ملموسة في الحد من الجريمة.
تصعيد سياسي وشعبي متوقّع
وفي ختام تصريحاتهما، شدّد كل من غنايم والطيبي على أن المرحلة المقبلة ستشهد تصعيدًا سياسيًا وشعبيًا وقانونيًا، لمنع تمرير الاقتطاعات وحماية الميزانيات المخصّصة للتعليم، والبنى التحتية، والشباب، والثقافة، والتنمية الاقتصادية. وأكدا أن معالجة الجريمة في المجتمع العربي لا يمكن أن تنجح عبر المقاربة الأمنية وحدها، بل تتطلب استثمارًا حقيقيًا في الإنسان، والفرص، والعدالة الاجتماعية.


