منذ فوزها بلقب ملكة جمال الفلبين 2025، باتت أهيتسا مانالو محط أنظار الملايين، في بلد تعشق جماهيره مسابقات الجمال وتعاملها كرياضة وطنية لا تقل شأنًا عن الملاكمة وكرة السلة.
ثقافة الجمال.. وشغف وطني جماهيري
مانالو، ذات الـ28 عامًا، تمثّل نموذجًا حيًّا على الارتباط العاطفي بين الفلبينيين وممثلاتهم في مسابقات الجمال. إذ شرحت قبل انطلاق نهائيات "ميس يونيفرس" أن "الشعب الفلبيني يتوقف عند ثلاثة أشياء: الملاكمة عندما يقاتل باكياو، كرة السلة، ومسابقات الجمال".
مانالو بلغت المراتب الخمس الأولى عالميًا، ما يعزز مكانة بلادها كأحد أبرز منتجي "ملكات الجمال" على مستوى العالم، وسط شبكة واسعة من المدربين، المصممين، والمؤسسات المتخصصة في التدريب على المشي والظهور العلني.
في الأحياء الفقيرة كما في المدن الكبرى، تنظم مئات المسابقات سنويًا، من بينها مسابقات محلية مثل "ميس لاموت دوس"، حيث تشهد المدرجات تظاهرات جماهيرية وهتافات صاخبة تدعم المشاركين والمشاركات.
من مقاومة الاستعمار إلى رمزية وطنية
تعود جذور هذا الشغف إلى فترة الاستعمار الإسباني، حين استُخدمت المهرجانات الدينية كوسائل تبشيرية، لتتطور لاحقًا إلى مسابقات جمال مدنية في مطلع القرن العشرين.
أول مسابقة وطنية، "كرنفال مانيلا"، شهدت جدلًا كبيرًا حين طُلب من الفائزة الفلبينية تسليم التاج إلى نظيرتها الأمريكية، ما فجّر شعورًا وطنيًا استخدم الجمال كأداة لمقاومة الاستعمار ثقافيًا.
لاحقًا، شكل فوز غلوريا دياز بلقب "ميس يونيفرس" عام 1969 نقطة تحوّل تاريخية، إذ دخلت لأول مرة امرأة فلبينية دائرة الضوء العالمي، ما أسهم في تعميق الارتباط الشعبي بالمسابقة.
رموز جديدة.. وتنوّع متزايد
السنوات الأخيرة شهدت تحولًا نوعيًا في مفاهيم الجمال، بعد أن نجحت مشاركات بملامح فلبينية تقليدية، وأخرى من خلفيات متنوعة مثل تشيلسي مانالو – أول فلبينية سوداء تُتوج باللقب الوطني – في تغيير معايير الشكل المثالي.
تشيلسي، التي كانت ضحية للتنمر بسبب بشرتها الداكنة، أصبحت اليوم مصدر إلهام لجيل جديد يرى فيها نموذجًا واقعيًا للجمال الفلبيني. كما تزايد حضور مسابقات للرجال والمتحولين جنسيًا، إضافة إلى إطلاق مسابقات مخصصة للنساء المتزوجات أو المطلقات مثل "ميسز يونيفرس"
ضغط التاج.. وإرث من التحدي
مانالو، التي بدأت رحلتها في عمر العاشرة لتغطية تكاليف تعليمها، لم تكن تخشى السقوط — حتى في أحد العروض حين تعثرت على المسرح — بل حولت الموقف إلى لحظة ملهمة أعادت بها ثقة الجمهور.
ورغم فوز المكسيكية فاتيما بوش باللقب العالمي هذا العام، تؤكد مانالو أن دعم الجمهور الفلبيني وتاريخه مع المسابقة هو ما يحفزها لتقديم أفضل ما لديها. "هذا الضغط ينبع من المحبة"، كما تقول، "وهو ما يجعلنا نواصل."


