قصف الجيش الإسرائيلي، مساء أمس، برجًا سكنيًا آخر في مدينة غزة، في وقت صرّح فيه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأن ما يجري هو "البداية فقط" تمهيدًا لاجتياح بري واسع للمدينة.
يأتي هذا التطور في ظل تصاعد أوامر الإخلاء التي يوجهها الجيش للسكان، وسط صعوبة كبيرة أمام الأهالي لإيجاد أماكن آمنة أو المغادرة من مناطق القصف، ما يزيد من تعقيد الأزمة الإنسانية في القطاع.
الصحافية أريج الشوا تنقل معاناة العائلات في غزة
هذا النهار مع سناء حمود ومحمد مجادلة
07:23
شهادات من الميدان
في حديث مؤثر لراديو "الناس"، وصفت الصحافية أريج الشوا من مدينة غزة حالة الفوضى واليأس التي يعيشها السكان، قائلة: "عندما يطلب الجيش من الأهالي التوجه جنوبًا عبر محور الرشيد نحو المواصي، فإن هذه المناطق مكتظة أصلًا بالنازحين. السؤال هو: إلى أين يذهب الناس؟ لا توجد مساحة ولا مقومات حياة في الجنوب، حتى الخيام غير متوفرة، والنزوح يتطلب إمكانيات مادية لا يملكها معظم السكان."
وأضافت: "نحو 200 ألف شخص نزحوا بالفعل من شمال القطاع إلى جنوبه، لكن الباقين يقولون ببساطة: لا يوجد مكان نذهب إليه. الناس يفضّلون البقاء في منازلهم رغم الخطر لأن بدائل النزوح أكثر قسوة."
أزمة إنسانية خانقة
أشارت الشوا إلى أنّ المساعدات التي تصل إلى غزة "قليلة جدًا ولا تكفي لتلبية احتياجات الناس". وأوضحت أن البضائع التي يُسمح بدخولها "تقتصر على مواد محدودة لا ترقى إلى سد الجوع أو مواجهة ظروف النزوح"، مؤكدة أنّ كثيرًا من العائلات تُترك بلا مأوى أو غذاء.
كما انتقدت استهداف الأبراج السكنية بشكل متكرر، مشيرة إلى أنّ هذه الأبراج كانت تضم عشرات العائلات: "كل برج قد يضم خمسين أو ستين عائلة، وأحيانًا أكثر. قصفها لا يمهد لعملية عسكرية بقدر ما يهدف إلى تشريد أكبر عدد ممكن من السكان ودفعهم إلى الشوارع."
أبعاد سياسية وعسكرية
تصريحات نتنياهو بأن القصف "مجرد بداية" أثارت مخاوف من أن تكون إسرائيل مقبلة على أوسع عملية برية في قلب مدينة غزة منذ بدء الحرب. ويرى محللون أن تدمير الأبراج يُستخدم كأداة ضغط نفسي ووسيلة لتهيئة الميدان أمام تقدم القوات البرية.
في المقابل، يصف الفلسطينيون هذه الإجراءات بأنها جزء من سياسة تهجير قسري ممنهجة، تهدف إلى دفع السكان نحو مناطق ضيقة جنوب القطاع، ما قد يؤدي إلى كارثة إنسانية واسعة النطاق.
صورة المشهد
بين الدمار الذي يخلّفه القصف، وتزايد أعداد النازحين العالقين بلا مأوى، يواجه سكان مدينة غزة خيارًا بالغ القسوة: البقاء في بيوتهم تحت القصف، أو النزوح إلى مناطق مكتظة لا توفر لهم الحد الأدنى من الأمان والعيش الكريم.
ورغم التحذيرات الدولية المتكررة، يواصل الجيش الإسرائيلي عملياته المكثفة، فيما يزداد الغموض حول مستقبل المدينة وسكانها في ظل تهديدات باجتياح بري وشيك.