تشهد دول العالم – وخاصة الولايات المتحدة – ارتفاعًا حادًا في معدلات الإصابة بسرطان القولون والمستقيم بين فئات عمرية شبابية، في وقت تتوسع فيه بسرعة معدلات استهلاك الأغذية فائقة المعالجة، التي تشكل نحو 70% من الإمداد الغذائي في الولايات المتحدة، وما يقارب 60% من مجمل السعرات الحرارية التي يستهلكها البالغون.
بحث جديد يُعدّ الأول من نوعه، أُجري على أكثر من 29 ألف امرأة، يضيف دليلًا آخر يعزز الشكوك المتزايدة حول علاقة هذه الأغذية بزيادة خطر الإصابة بأورام ما قبل السرطان في القولون. فقد وجد الباحثون أن تناول كميات كبيرة من الأغذية فائقة المعالجة قد يرفع بشكل ملحوظ احتمال ظهور أدينومات القولون – وهي أورام حميدة قد تتحول لاحقًا إلى سرطان.
نتائج مقلقة: ارتفاع الخطر بنسبة 45%
أظهرت الدراسة أن النساء اللواتي تناولن نحو 10 حصص يوميًا من الأغذية فائقة المعالجة كنّ أكثر عرضة بنسبة 45% للإصابة بالأدينومات قبل بلوغ سن 50، مقارنةً بمن تناولن نحو ثلاث حصص فقط يوميًا. شملت الدراسة 29,105 ممرضات، وتم تتبعهن لمدة وسطية بلغت 13 عامًا. ونُشرت النتائج في مجلة JAMA Oncology المرموقة.
خبيرة: الأرقام تدعو للقلق
توضح البروفيسور ريفيتال كريب، كبيرة أطباء الجهاز الهضمي في "مكابي" للخدمات الصحية، أن الدراسة ذات جودة عالية لأنها تابعت المشاركات لسنوات طويلة واعتمدت على عينة واسعة من النساء الشابات. وتشير إلى أن نتائجها تسلّط الضوء على ما قد يكون تأثيرًا كبيرًا للعوامل البيئية، وعلى رأسها التغذية، في زيادة خطر الإصابة بسرطان القولون، إلى جانب العوامل الجينية.
وتلفت إلى أن أكثر من 60% من طعام البالغين في الولايات المتحدة يأتي من أغذية فائقة المعالجة – أو ما يُعرف بالـ"جانك فود" – وهي نسبة مقلقة، خصوصًا عندما يبدأ هذا النمط الغذائي في سن مبكرة.
دعوة لتعزيز الوعي الغذائي
ترى كريب أنه بدل خفض سن إجراء فحوصات القولون باستمرار، يجب معالجة المشكلة من جذورها: تقليل تعرض الأطفال للأطعمة المعالجة منذ الصغر وتعزيز التربية الغذائية الصحية، مؤكدة أن الاستثمار في هذا المجال سيحقق فوائد صحية بعيدة المدى.
الصحة تبدأ من المطبخ
توضح الدكتورة لودا نِفو، اختصاصية التغذية السريرية في "مكابي"، أن الأغذية فائقة المعالجة غالبًا ما تحتوي على إضافات صناعية مثل الملونات، المنكهات، المواد الحافظة والمستحلبات، وتكون فقيرة بالعناصر الغذائية الطبيعية. وترتبط هذه الأغذية أيضًا بزيادة خطر السمنة، السكري من النوع الثاني، أمراض القلب والشرايين، وحتى السكتات الدماغية.
وتنصح نِفو بالتركيز على قراءة قائمة المكونات، وتفضيل الأغذية الطبيعية أو قليلة المعالجة مثل الخضروات والفواكه والحبوب الكاملة والبقوليات والمكسرات، بالإضافة إلى الطهي المنزلي قدر الإمكان.
الفحص المبكر ينقذ حياة
يشدد الخبراء على أهمية إجراء فحوصات الكشف المبكر لسرطان القولون بدءًا من سن 45، أو قبل ذلك لمن لديهم تاريخ عائلي. فالأورام الحميدة قد لا تُظهر أعراضًا واضحة في البداية، لكن اكتشافها مبكرًا يزيد فرص العلاج والشفاء بشكل كبير.