تعرض لبنان بمثل هذا اليوم 17 سبتمبر 2024 لحدث كارثي عندما انفجرت آلاف أجهزة الاتصال اللاسلكي (بيجر) التي كان قسم كبير منها بحوزة أعضاء حزب الله، أعقبها بعد يوم انفجار أجهزة لاسلكية أخرى من نوع "ووكي توكي"، ما أسفر عن مقتل 39 شخصًا وإصابة أكثر من 3400 آخرين، بينهم أطفال ومدنيون لم يكونوا أعضاء في الحزب.
تسبب انفجار هذه الأجهزة في إشعال فتيل تصعيد عسكري بين إسرائيل وحزب الله، ما أدى إلى تدمير مناطق واسعة في لبنان وإضعاف قدرات حزب الله. وأكد تحقيق أجرته رويترز أن إسرائيل أخفت مادة متفجرة شديدة الانفجار داخل آلاف أجهزة البيجر التي اشتراها حزب الله، ما أدى إلى سقوط الضحايا المدنيين.
ووصف فولكر تورك، مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، هذه الانفجارات بأنها "صادمة"، مشيرًا إلى أن استهداف آلاف الأشخاص في وقت متزامن دون معرفة دقيقة بمن يحمل تلك الأجهزة أو مكانهم يعد "انتهاكًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني".
من جانب آخر، تضرر موظفون في الرعاية الصحية أثناء الحادث. محمد ناصر الدين، مدير قسم الهندسة والمعدات الطبية في مستشفى الرسول الأعظم، فقد عينه اليسرى وأصابع يده اليسرى وتعرض لجروح في الجمجمة نتيجة انفجار الجهاز الذي كان يحمله، واستفاق بعد أسبوعين من الغيبوبة ليكتشف مقتل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في سلسلة من الضربات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت.
وأكد ناصر الدين: "أنا خسرت ولم أبكِ، لكن كان أصعب شعور هو كيف يتقبل ابني حالة والده بهذا الشكل."
بدوره، أشار إلياس جرادي، النائب في البرلمان وجراح العيون، إلى أن معظم المصابين يحتاجون إلى عدة عمليات جراحية مستمرة على مدى سنوات، قائلاً: "كل حالة كانت حالة إنسانية، خاصة عندما يتعلق الأمر بأطفال ونساء يسألون عما حدث لهم. لا يمكنك الإجابة عليهم بسهولة."
هجوم كسر قوة حزب الله
ساهم الهجوم المباغت في كسر قوة حزب الله، حيث قادت الانفجارات الى سلسلة من الهجمات المباغتة على معاقل حزب الله ومخابئهم. وبعد أسابيع قليلة من التفجيرات، نفذت إسرائيل سلسلة ضربات جوية مكثفة على الضاحية الجنوبية لبيروت، استهدفت قيادات بارزة في حزب الله. وقد قُتل الأمين العام للحزب حسن نصر الله في إحدى هذه الضربات، في حدث وصفه مراقبون بأنه "الزلزال الأكبر" في تاريخ الحزب منذ تأسيسه.
وعمليا، شكل اغتيال نصر الله ضربة قاسية للبنية القيادية والتنظيمية للحزب، وأحدث فراغًا غير مسبوق في هرم القيادة.
مقدمة قادت لإسقاط بشار الأسد
في موازاة ذلك، شهدت الساحة السورية تحولات متسارعة أدت إلى انهيار نظام الرئيس بشار الأسد. فبعد سنوات من الحرب الداخلية والتدخلات الخارجية، جاءت مرحلة الانهيار مع تفكك مؤسسات الحكم وتراجع الدعم الروسي والإيراني. سقوط الأسد أعاد رسم الخريطة السياسية في سوريا والمنطقة، وفتح الباب أمام إعادة تموضع القوى الإقليمية والدولية.
يرى محللون أن اغتيال نصر الله وسقوط الأسد لم يكونا حدثين منفصلين، بل جزءًا من مشهد إقليمي واحد يعكس إعادة ترتيب موازين القوى. فإسرائيل اعتبرت اغتيال نصر الله "إنجازًا إستراتيجيًا"، فيما رأت قوى دولية في سقوط الأسد نهاية مرحلة وبداية أخرى في الشرق الأوسط، حيث تضعف قبضة المحور الإيراني ويُعاد رسم معادلات النفوذ الذي قاد بالنهاية الى 12 يوم من المعارك بين إسرائيل وإيران