تواجه فرنسا أزمة سياسية جديدة مع اقتراب رئيس الوزراء فرانسوا بايرو، رابع رئيس حكومة في غضون ثلاث سنوات، من هزيمة شبه مؤكدة في تصويت الثقة المقرر اليوم الاثنين. وإذا ما سقطت الحكومة، فسيزداد المشهد السياسي ضبابية في ثاني أكبر اقتصاد بمنطقة اليورو.
ويُتوقع أن يؤدي انهيار الحكومة إلى تفاقم حالة الشلل التي تعانيها فرنسا في وقت بالغ الحساسية بالنسبة لأوروبا، التي تحاول التماسك في مواجهة الحرب الروسية على أوكرانيا، وتصاعد النفوذ الصيني، والتوترات التجارية مع الولايات المتحدة. كما قد تنعكس الاضطرابات على الوضع المالي لفرنسا، إذ يهدد اتساع العجز وارتفاع الدين العام – الذي بلغ 113.9% من الناتج المحلي – بتخفيض جديد للتصنيف الائتماني وزيادة كلفة الاقتراض.
ورغم الحراك السياسي والإعلامي منذ إعلان بايرو في 25 أغسطس عزمه على إجراء التصويت، يبدو أنه فشل في حشد الأغلبية المطلوبة. وأكد قادة المعارضة من مختلف الاتجاهات، من اليسار الراديكالي بزعامة جان لوك ميلنشون إلى اليمين، أنهم سيصوتون لإسقاط الحكومة.
حتى الآن، يستبعد الرئيس إيمانويل ماكرون خيار حلّ البرلمان، كما فعل العام الماضي. لكن الأزمة الحالية تعكس تعثر النظام السياسي منذ الانتخابات المبكرة في 2024، التي أفرزت برلمانًا منقسمًا بلا أغلبية واضحة: تحالف ماكرون فقد أغلبيته، حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف صعد بقوة، واليسار المكوّن من ائتلافات متعددة تصدّر المشهد من دون وحدة صف.
وقالت مارين لوبان، زعيمة كتلة التجمع الوطني، إن "ماكرون ومن حوله أشعلوا هذه الأزمة، واليوم صارت فرنسا الرجل المريض في أوروبا بسببهم".
ويرى مراقبون أن ماكرون قد يضطر هذه المرة إلى اختيار شخصية من يسار الوسط الاشتراكي لتولي رئاسة الحكومة، في محاولة لبناء تحالف معقد يجمع بين كتلته الليبرالية وبعض قوى اليسار، مع السعي لتهدئة يمين الوسط. لكن هذا الخيار قد يواجه عراقيل كبيرة، خصوصًا في ملفات حساسة مثل الضرائب على الأثرياء لسد العجز.
وبينما يتجادل الساسة، يعبّر مواطنون عن تشاؤمهم من إمكانية إيجاد مخرج قريب. وقال محمد، بائع يبلغ 80 عامًا في أحد أسواق باريس: "تعال بعد عشرة أيام وسترى أن شيئًا لم يتغير. لن تكون هناك أغلبية، ولن تكون هناك ميزانية".