أعلنت استوديوهات كبرى في هوليوود، من بينها Warner Bros Discovery وParamount Pictures، رفضَها الرسمي لحملة المقاطعة التي أطلقها آلاف من العاملين في مجال السينما ضدّ المؤسسات السينمائية الإسرائيلية، معتبرةً أنّ الالتزام بمثل هذا التعهّد "يُعدّ انتهاكًا لسياساتها الداخلية التي تحظر أي شكل من أشكال التمييز".
وتُعدّ Warner Bros Discovery من أكبر الكيانات الإعلامية في العالم، إذ تضمّ تحت مظلّتِها استوديوهات "وارنر براذرز" الشهيرة، ومنصّات HBO وDiscovery وCNN، إضافةً إلى عدد من شبكات التلفزة وخدمات البثّ العالمية. وتُعتبر الشركة من الركائز الأساسية في صناعة الترفيه الأميركية، ما يجعل مواقفها وتصريحاتها ذات وزنٍ خاصّ في المشهد الثقافي والإعلامي العالمي.
وفي بيان نقلته مجلة Variety، قالت Warner Bros إنّها "ملتزمة بتعزيز بيئة شاملة ومحترمة لموظفيها وشركائها وجميع الأطراف المعنية"، مضيفةً أنّ "سياسات الشركة تحظر التمييز بجميع أشكاله، بما في ذلك التمييز على أساس العرق أو الديانة أو الأصل القومي". وأضافت، أنّ مقاطعة المؤسّسات السينمائية الإسرائيلية تخالف هذه السياسات، مشدّدة على أنّها تحترم حق الأفراد والجماعات في التعبير عن آرائهم والدعوة لقضاياهم، لكنّها ستواصل ملاءمة ممارساتها التجارية مع سياساتها الداخلية ومتطلّبات القانون.
وجاء البيان بعد أسابيع من إطلاق منظمة Film Workers for Palestine (عاملون في السينما من أجل فلسطين) تعهّدًا وقّع عليه أكثر من 4,000 من العاملين في صناعة السينما، من بينهم خافيير بارديم، أوليفيا كولمان، إيما ستون، ومارك رافالو؛ والذي ينصّ على التزام الموقّعين بعدم التعاون مع مؤسسات سينمائية إسرائيلية "متورّطة في الإبادة الجماعية ونظام الفصل العنصري ضدّ الشعب الفلسطيني"، بما في ذلك المهرجانات ودور العرض وهيئات البثّ وشركات الإنتاج.
وكانت المنظّمة قد أوضحت أنّ التعهّد مستوحى من حملات المقاطعة الثقافية التي ساهمت في إنهاء نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، مؤكّدة أنّ المقاطعة لا تشمل الأفراد، بل تستهدف المؤسسات الإسرائيلية المتورّطة في الانتهاكات. كما أشارت إلى أنّ الفلسطينيين حاملي الجنسية الإسرائيلية يخضعون لإرشادات خاصّة تأخذ بعين الاعتبار ظروفهم وسياقهم المختلف داخل إسرائيل.
"لا أستطيع العمل مع أي شخص يبرّر أو يدعم الإبادة الجماعية"
من جانبه، أوضح الممثّل الإسباني خافيير بارديم، أحد أبرز الموقعين على التعهّد، في مقابلة مع شبكة CNN، أنّ هدف المبادرة هو تحميل الشركات والمؤسسات مسؤولية مشاركتها أو دعمها للجرائم المرتكبة ضدّ الفلسطينيين، وليس استهداف أفراد. وقال بارديم: "نحن لا نميّز ضدّ أي شخص بناءً على جنسيّته أو عرقه أو دينه أو جنسه، ونؤمن بأن أي شكل من أشكال التمييز أمرٌ خاطئ. ما ندعمه هو محاسبة الشركات والمؤسّسات حول العالم، لا الأفراد، على تورّطهم أو مشاركتهم في الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزة، وفي الاستيطان غير القانوني في الضفة الغربية".
وكانت الحملة قد تلقّت انتقادات وتحذيرات قانونية من جمعيات ومؤسّسات مختلفة، إذ وجّهت مجموعة UK Lawyers for Israel (محامون بريطانيون من أجل إسرائيل) رسالةً قانونية إلى كبرى شركات الإنتاج في المملكة المتحدة، بينها ديزني، نتفليكس، ووارنر براذرز، حذّرت فيها من أنّ التعهّد "ينتهك قانون المساواة البريطاني لعام 2010" وقد يشكّل "مخاطرة قانونية كبيرة" للشركات الموقعة عليه. كما حذّر مركز لويس دي براندايس (Louis D. Brandeis Center) لحقوق الإنسان في واشنطن من أنّ "العديد من القوانين الفدرالية والولائية في الولايات المتحدة تحظر بوضوح هذا النوع من المقاطعات".
وفي بيانها، أكّدت شركة Paramount Pictures، إحدى أقدم وأعرق استوديوهات السينما في هوليوود، التي تأسّست عام 1912 وتُعتبر من الشركات الخمس الكبرى التي شكّلت تاريخ الصناعة السينمائية الأميركية، أنّها لا تتفق مع الجهود الرامية إلى المقاطعة، مشيرة إلى أنّ "إسكات المبدعين الأفراد بسبب جنسيّتهم لا يعزّز التفاهم ولا يخدم قضية السلام". في المقابل، ردّت منظمة Film Workers for Palestine انّها تأمل ألا يكون موقف الشركة محاولة متعمّدة لتشويه التعهّد أو إسكات العاملين في صناعة السينما.
وبين موقف النجوم الداعمين للمقاطعة وردّ الاستوديوهات الكبرى الرافض لها، يبدو أنّ الانقسام الثقافي داخل هوليوود حول الحرب في غزة آخذ في الاتّساع، ما يعكس الانقسام العميق داخل الأوساط الثقافية في الغرب حول العلاقة بين الفنّ والموقف السياسي.


