في ذكرى رحيلها الـ28 | الأميرة ديانا بين حياة القصور والواقع الشخصي

ولم تقتصر بصمة ديانا على العمل الإنساني، بل انعكست أيضًا في دورها كأم. في مقابلته الأخيرة مع مجلّة People، أشار مورتون إلى انّ ديانا قالت مرارًا انّها رُزِقت بولدين، ويليام وهاري، لسبب؛ لضمنان أن يكون الأصغر سندًا للأكبر في مواجهة متطلّبات الحياة الملكية وأعبائها

1 عرض المعرض
الأميرة ديانا
الأميرة ديانا
الأميرة ديانا
( John Mathew Smith 2010)
ولدت ديانا فرانسيس سبنسر عام 1961 في إنجلترا لعائلة أرستقراطية عريقة، قبل أن تدخل القصر الملكي البريطاني عام 1981 بزواجها من الأمير تشارلز، وليّ العهد آنذاك. ورغم ما بدا كزواج أسطوري تابعته أنظار العالم، لم يلبث أن يكشف عن تفاصيل حياة مضطربة اتّسمت بالخيانات، وخلافات عميقة بين الزوجين انتهت بانفصالهما رسميًا عام 1992، ثمّ طلاقهما النهائي عام 1996.
نشاط إنساني غيّر الصورة النمطية بعيدًا عن صراعاتها الشخصية، وجدت ديانا في العمل الإنساني مساحةً لتجسيد شخصيّتها الحقيقية، ولم تخشَ انتقاد السياسات أو كسر الأعراف الملكية. كرّست جهودها لقضايا الأطفال والمرضى والمهمّشين، وكان مشهدها وهي تصافح مريضًا بالإيدز في ثمانينيّات القرن الماضي، لحظةً فارقة كسرت الوصمة الاجتماعية المحيطة بالمرض، ورسالةً واضحة بأنّ التعاطف يسبق الحذر الاجتماعي. كما ارتبط اسمها بحملات مكافحة الألغام الأرضية، لا سيّما بعد زيارتها الشهيرة لحقل ألغام في أنغولا عام 1997، التي أسهمت في تسريع الجهود الدولية نحو إقرار معاهدة أوتاوا لحظر الألغام.
في كتابه "قصّتها الحقيقية"، وثّق الكاتب البريطاني أندرو مورتون، استنادًا إلى تسجيلات سرّية معها، تفاصيل عن معاناة الأميرة الداخلية وشعورها بالوحدة والانعزال داخل المؤسّسة الملكية؛ وعن عملها الإنساني الذي وجدت به وسيلةً لتجاوز تلك الأزمات – ما ساهم في ترسيخ صورة مختلفة لأميرة قريبة من النّاس، واقعيّة، ودافئة في تعاملها، ما جعلها رمزًا للتعاطف الإنساني في نظر جمهورها.
رحلت ديانا في 31 أغسطس 1997 عن عمر 36 عامًا، إثر حادث سير مأساوي في باريس؛ وكانت جنازتها إحدى أكبر لحظات الحزن الجماعي في التاريخ الحديث، إذ تابعها أكثر من 2.5 مليار شخص حول العالم في رقم غير مسبوق أظهر مدى شعبيّتها الاستثنائية. وقد شكّل الحدث نقطة تحوّل في علاقة الجمهور بالعائلة المالكة، إذ وُجّهت انتقادات حادّة للقصر بسبب بطء تفاعله مع مشاعر الحزن الشعبي، ما أجبر الملكة إليزابيث الثانية على اعتماد نهج أكثر انفتاحًا وتجاوبًا مع الرأي العام.
تصريحات حول الإرث العائلي
ولم تقتصر بصمة ديانا على العمل الإنساني، بل انعكست أيضًا في دورها كأم. في مقابلته الأخيرة مع مجلّة People، أشار مورتون إلى انّ ديانا قالت مرارًا انّها رُزِقت بولدين، ويليام وهاري، لسبب؛ لضمنان أن يكون الأصغر سندًا للأكبر في مواجهة متطلّبات الحياة الملكية وأعبائها. ومع الخلاف الذي نشب بين الأميرين في السنوات الأخيرة بعد انسحاب هاري من مهامه وانتقاله إلى الولايات المتّحدة مع زوجته ميغان ماركل، يشير مورتون إلى أنّ ديانا، لو كانت على قيد الحياة، لكانت سعت للتوسط بينهما لرأب هذا الشرخ. ورغم التباعد الحالي، يواصل الأميران إظهار الالتزام بالقيم التي غرستها فيهما والدتهما، لا سيّما في تربيتهما لأطفالهما.
بعد مرور 28 عامًا على رحيلها، يبقى إرث الأميرة حاضرًا في الذاكرة الجماعيّة، ليس كشخصيّة ملكية محصورة داخل جدران القصور، بل كأيقونة ثقافية عالمية جمعت بين الموضة والإنسانية والتأثير الإعلامي. ومن خلال ألقاب مثل "أميرة القلوب"، ظلّت شاهدة على كيف يمكن لشخصية واحدة أن تغيّر صورة مؤسسة كاملة، وأن تبقى حاضرة بقوّة في الضمير الجمعي حتى بعد عقود على رحيلها.