نجحت الأجهزة الأمنية في مصر في تفكيك واحدة من أخطر العصابات المتخصصة في بيع مخدر "الهيدرو"، بعد أن استعانت بتقنيات الذكاء الاصطناعي لتعقب أفرادها الذين تمكنوا لفترة طويلة من الإفلات من الملاحقة الأمنية بفضل استخدامهم أدوات تكنولوجية متقدمة.
وكشفت وزارة الداخلية المصرية أن العصابة كانت تنشط في مدينتي بدر والمستقبل، مستهدفة طلبة الجامعات من خلال أساليب تقنية معقدة، تشمل استخدام هواتف مؤمّنة ضد الاختراق، وحسابات مشفّرة على الإنترنت، ما تطلّب من الأجهزة الأمنية اعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي لتتبع تحركاتهم.
وقال مصدر أمني في وزارة الداخلية المصرية إن "التوجيهات صدرت إلى الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بضرورة متابعة العناصر المتورطة في ترويج المواد المخدرة وضبطها، لتبدأ على الفور حملة موسعة استُخدمت فيها أحدث التقنيات التقنية لرصد التطبيقات التي يعتمدها المشتبه بهم".
وأوضح المصدر أن نتائج المتابعة أظهرت أن أفراد العصابة يستهدفون طلبة الجامعات بمخدر "الهيدرو"، ويتم بيع المواد المخدرة عبر أرقام دولية حصلوا عليها من "الدارك ويب"، مضيفًا أن "المروجين اعتمدوا طريقة الترك والإحداثيات لتحديد أماكن التسليم، بينما تُدفع الأموال عبر محافظ إلكترونية يصعب تتبعها".
ورغم الاحتياطات الأمنية التي اتخذها المتهمون، فإن التحقيقات قادت إلى ثغرة كشفت هويتهم. فقد أوضح العقيد أحمد محمود أن الأجهزة الأمنية "نصبت كمينًا للمتهمين عبر طلبية وهمية من خلال التطبيقات التي أنشأوها، وبعد الدفع الإلكتروني أرسل أحدهم صورة للمخدر في موقع التسليم، إلا أن خياله وخيال سيارته ظهرا في الصورة".
وهنا جاء دور الذكاء الاصطناعي، حيث تم تحليل الصورة عبر برنامج متطور كشف أن السيارة من طراز "أودي A3" أو "بيجو 207". وبعد مراجعة الكاميرات في المنطقة، تمكنت الشرطة من تحديد سيارة أودي سوداء تبين لاحقًا أن سائقها هو المتهم الرئيسي.
وأضاف المصدر أن الهاتف المستخدم في العملية كان يحمل رقمًا بريطانيًا وتطبيقات مشفّرة تُستخدم للتواصل مع الزبائن وإرسال صور المواد المخدرة بعد الدفع الإلكتروني.
من جهته، قال الخبير في الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني المهندس أحمد عبد الفتاح إن "الأجهزة الأمنية المصرية طوّرت قدراتها التقنية بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، خصوصًا في مجالات الذكاء الاصطناعي وبرامج التحليل الرقمي، ما مكّنها من ضبط العديد من القضايا الإجرامية المعقدة".
وأضاف: "هذه القضية تُعد من أبرز الأمثلة على توظيف الذكاء الاصطناعي في العمل الأمني، لكنها في الوقت ذاته تُبرز خطورته عندما يُستخدم في الجريمة، كما فعل المتهمون الذين استغلوا التطبيقات الذكية لترويج المخدرات بعيدًا عن أعين الشرطة".
وفي السياق ذاته، أشاد الخبير الأمني العميد سامح عزّ العرب باستخدام الذكاء الاصطناعي في مكافحة الجريمة، مؤكدًا أن "تطور الأدوات التقنية داخل وزارة الداخلية يمثل ضمانة حقيقية لأمن البلاد، خاصة مع تطور أساليب المجرمين أنفسهم".
وختم بالقول إن "قضية مخدر الهيدرو تُجسّد نقلة نوعية في أسلوب عمل الأجهزة الأمنية المصرية، التي باتت تنافس في كفاءتها ووسائلها التقنية أرقى الأجهزة الأمنية عالميًا، في مواجهة الجريمة الإلكترونية وتجارة المخدرات الحديثة".


