الإمارات في إفريقيا: شبكة نفوذ متشعبة بين الدعم الإنساني ودعم الميليشيات

تقرير بلومبيرغ يكشف عن دور إماراتي متزايد في إفريقيا يشمل استثمارات ضخمة ودعمًا إنسانيًا، لكن أيضًا شبهات باستخدام هذه النشاطات كغطاء لدعم ميليشيات مسلحة كقوات الدعم السريع في السودان، وسط نفي رسمي متكرر من أبو ظبي  

راديو الناس|
1 عرض المعرض
دبي - الإمارات - منظر عام
دبي - الإمارات - منظر عام
دبي - الإمارات - منظر عام
(فلاش 90)
فيما تواصل الحرب الأهلية في السودان حصد الأرواح وتهجير الملايين، يكشف تقرير استقصائي جديد عن بناء الإمارات شبكة نفوذ واسعة في الدول المحيطة بالسودان، تتيح لها تقديم دعم غير مباشر لقوات الدعم السريع، وسط نفي رسمي متكرر من أبو ظبي لهذه الادعاءات.
اتفاق استراتيجي مع إفريقيا الوسطى
في 23 نوفمبر، حطّ وزير الدولة الإماراتي الشيخ شخبوط بن نهيان في العاصمة بانغي عارضًا على رئيس إفريقيا الوسطى فاوستين-أرشانج تواديرا صفقة تتضمن استثمارات إماراتية في الدفاع والزراعة والتعدين، مقابل منح الإمارات حق الوصول إلى مطارات عسكرية في شرق البلاد. وتمخضت الزيارة عن اتفاق شراكة اقتصادية في مارس الماضي، وفقًا لما نقلته مصادر رسمية في بانغي ودبلوماسيون غربيون.
هذا الاتفاق يُضاف إلى شبكة دعم لوجستي تبنيها الإمارات في تشاد وجنوب السودان منذ اندلاع الحرب في السودان عام 2023، وتشمل مستشفيات ميدانية ومهابط طائرات قريبة من حدود النزاع، ما يتيح بحسب دبلوماسيين نقل الدعم لقوات الدعم السريع التي تتهمها واشنطن بارتكاب جرائم إبادة جماعية.
نفي رسمي واتهامات غربية
وفي رد على استفسارات بلومبيرغ، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الإماراتية إن "الادعاءات حول تزويد الإمارات لأي طرف بالسلاح في السودان لا أساس لها من الصحة وتفتقر لأي أدلة موثوقة"، دون أن يرد بشكل مباشر على أسئلة تتعلق بشبكة الدعم المزعومة حول السودان.
من جهتها، كانت المحكمة الدولية في لاهاي قد رفضت في أيار/مايو الماضي دعوى رفعتها القوات المسلحة السودانية ضد الإمارات، بحجة عدم الاختصاص. ورغم عدم تقديم الجيش السوداني استئنافًا، لا تزال أصابع الاتهام تشير إلى دور إماراتي في دعم قوات الدعم السريع، خصوصًا مع استذكار دورها السابق في دعم اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر عام 2014 بالسلاح والتمويل.
توسع استثماري في عمق القارة
الإمارات منخرطة أيضًا في مشاريع إنمائية ضخمة في إفريقيا، حيث تعهدت منذ عام 2023 بتقديم مساعدات إنسانية وتنموية بقيمة 1.01 مليار دولار، واستثمرت 35 مليار دولار في مصر لإنهاء أزمة عملة خانقة. وتشير بيانات رسمية إلى أن أكثر من 50 دولة إفريقية تتلقى حاليًا دعمًا إماراتيًا في قطاعات تشمل الطاقة والغذاء والرقمنة والبنية التحتية.
في الوقت ذاته، يلاحظ مراقبون أن المساعدات الإنسانية تُستخدم أحيانًا كغطاء لنفوذ سياسي وعسكري، مثلما حدث في بناء مستشفيات ميدانية قرب حدود السودان، وعند توسيع الإمارات لمطار بوساسو في الصومال وتحويله إلى قاعدة لوجستية لدعم ميليشيات محلية.
تقارير استخباراتية وتحقيقات أممية
في تقرير صدر في نوفمبر الماضي، قالت بعثة خبراء أممية إنها رصدت تصاعدًا في رحلات شحن من الإمارات إلى مدن تشادية بين مايو وسبتمبر 2024، تزامنت مع تصعيد ميداني في السودان. وفي حين تعذر على المحققين تأكيد نقل أسلحة من تلك النقاط، وُصفت تلك التحركات بأنها "قد تكون جزءًا من عمليات سرية".
وفي تحقيق آخر لمنظمة العفو الدولية، اتُهمت الإمارات بنقل مدافع هاوتزر صينية الصنع إلى الدعم السريع، وهي معدات لم تشترها في تلك الفترة سوى الإمارات بحسب قاعدة بيانات معهد SIPRI للأسلحة. وردت أبو ظبي على الاتهام بالقول إن هذه المنظومة "متاحة في السوق الدولي منذ سنوات" وإن الاستنتاج "غير دقيق".
خطة ممنهجة وتحول استراتيجي
يرى محللون أن السياسة الإماراتية في القارة السمراء تتبع "خطة مدروسة" لتوسيع النفوذ بعيدًا عن اعتمادها التقليدي على النفط، وأن هذا التوسع يشمل دعم أطراف مسلحة، وبناء تحالفات في دول مثل تشاد، إفريقيا الوسطى، ليبيا، جنوب السودان، إثيوبيا، وأوغندا.
ويؤكد الباحث كاميرون هدسون من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية أن "ما تفعله الإمارات اليوم في إفريقيا يوازي الدور الفرنسي سابقًا أو الصيني مؤخرًا، ولكن بوتيرة أسرع وأقل كلفة". ويضيف: "دول مثل تشاد منحت الإمارات الضوء الأخضر لتشغيل عمليات دعم سرية ومتطورة لقوات الدعم السريع".