يفتتح الكنيست اليوم دورته الشتوية الأخيرة في الولاية الحالية ,وتغلب عليها رائحة الانتخابات العامة التي سيحدد موعدها على ما يبدو وفق مصالح الأطراف السياسية المختلفة خاصة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
تكتسب هذه الدورة أهمية كبيرة خاصة أنها تأتي بعد نهاية الحرب على قطاع غزة وفي أوج محاولة حكومة نتنياهو ترسيخ رواية الانتصار في الشارع الإسرائيلي تمهيدا للحملة الانتخابية المقبلة .فنتنياهو كما يرد عن مقربين منه لم يعد معنيا بالتوجه مباشرة إلى انتخابات تسبق موعدها ويفضل أن يجني مزيدا من "ثمار" الاتفاق الذي فرضه عليه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب علها تصل إلى اتفاقيات تطبيع مع مزيد من الدول العربية والإسلامية قبل أن يذهب إلى الانتخابات .
لكن على هذا الطريق تتداخل الكثير من القضايا والأزمات التي من شأنها أن تعصف باستقرار الائتلاف الحالي وليس بالضرورة أن جميعها داخلي ,خاصة أن كل أقطاب هذا الائتلاف بما فيها اليمين المتشدد (سموطريتش وبن غفير) ستستغل ما تبقى من ولاية الحكومة والكنيست لتمرير مزيد من القوانين والسياسات التي تسجل ضمن إنجازاتها.
التحدي الأساسي الذي يعمل نتنياهو على تذليله هو ترسيخ الرواية ما بعد الحرب ,وجزء من رواية الانتصار التي يروج لها كان ضمن تغيير اسم الحرب من السيوف الحديدية إلى حرب "النهوض" على الرغم من الانتقادات التي تعرض لها هذا القرار.
الحرب على غزة لن تبقى الوحيدة التي تؤثر في الحلبة السياسية لكن حصتها في ذلك تبدو كبيرة,فمع بداية الدورة الشتوية تزداد المطالبات الشعبية والسياسية لتشكيل لجنة تحقيق رسمية يعينها رئيس المحكمة العليا وتكون لها صلاحيات واسعة في تقصي حيثيات ما جرى قبل السابع من أكتوبر وبعده واستدعاء شهود وإصدار خلاصات وتوصيات ,فيما تسعى الحكومة لتشكيل لجنة تحقيق حكومية تتحكم هي بأدائها وأعضائها.
من غير الواضح أي توجه سيتم إقراره بهذا الشأن لكن نتنياهو يسعى للجنة الحكومية قبل حل الكنيست وتعيين موعد للانتخابات.
أما العقبة الثانية التي تواجه هذه الحكومة فهي قانون تجنيد الحريديم الذي بات يعرف بقانون إعفاء الحريديم من التجنيد والذي تطالب الأحزاب الدينية "شاس" و"يهدوت هتوراة" بتشريعه شرطا لعودتها للائتلاف الحكومي. في هذه المرحلة من المفترض أن يعرض رئيس لجنة الخارجية والأمن يوعز بيسموت تفاهمات يسعى نتنياهو للتوصل إليها مع الحريديم لضمان عودتهم لكنه يواجه صعوبات مع "يهدوت هتوراة" الذي يشترط العودة بقانون رسمي وليس تفاهمات.
أمام الموازنة وإقرارها فلا يقل أهمية عن القضايا التي ذكرت سابقا, فبموجب القانون يحل الكنيست في حال لم يتم إقرار الموازنة حتى أواخر أذار مارس وهو ما يستعى نتنياهو إلى تجنبه من خلال محاولة التوصل إلى تسويات حتى أواخر كانون الثاني المقبل ,وسط توقعات بموازنة ضخمة "يشتري" فيها الليكود تأييد شركائه في الائتلاف.
إلى جانب كل هذه القوانين سيسعى أعضاء الحكومة لتمرير قوانين تعد مهمة لرؤيتهم السياسية وتزيد سيطرة السلطة التنفيذية على مؤسسات الدولة الرسمية وأجهزتها .